عاجلمقالات

حسين محمود يكتب: الداخلية تتصدى لجرائم السوشيال ميديا

في عصر تحكمه الشاشات، لم تعد الجرائم تُرتكب في الأزقة والطرقات فقط، بل امتدت لتسكن خلف عدسات الهواتف وكاميرات البث المباشر. وبقدر ما وفّرت السوشيال ميديا من مساحات للتعبير والحرية، إلا أنها تحوّلت في أيدي البعض إلى أدوات لهدم القيم، ونشر الفوضى، والتحريض على السلوكيات الشاذة، ما استدعى تدخلًا أمنيًا حاسمًا تقوده وزارة الداخلية، لحماية المجتمع من أخطار هذا العالم الافتراضي الذي تتقاطع فيه الحرية بالمسؤولية، والترند بالقانون.

 

مشاهد صادمة.. من العبث إلى الجريمة

تتنوع أشكال الجرائم التي تم رصدها على مواقع التواصل، لكنها تشترك جميعًا في شيء واحد: الاستهتار بالقانون والمجتمع من أجل الانتشار.

نجد شابًا يُصور مشاجرة في الشارع ثم يبثها كأنها فيلم أكشن، دون أن يُدرك أن ما فعله يُعرض حياة أشخاص حقيقيين للخطر، ويسبب ذعرًا عامًا.

فتاة أخرى تتعمد ارتداء ملابس خادشة للحياء وتتلفظ بألفاظ نابية على “لايف”، بحجة “المحتوى الترفيهي”، وهي في الحقيقة تُحرّض على الفسق علنًا.

مجموعة تُنفّذ مقلبًا مفبركًا في مواطن بالشارع، يدّعون فيه اختطافه، ما يدفع المارة إلى الذعر والهلع… هذا ليس “هزارًا”، بل جريمة متكاملة الأركان.

 

رصد وتحرك.. الداخلية في قلب المشهد

وزارة الداخلية لم تقف مكتوفة الأيدي. فعبر قطاع نظم الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، وبتعاون وثيق مع الأمن العام والمباحث، تم إنشاء فرق متخصصة تعمل على مدار 24 ساعة، مهمتها رصد المحتوى المخالف، وتحليل البيانات الرقمية، وتحديد هوية القائمين عليه، ثم التحرك الفوري لضبطهم بالتنسيق مع النيابة العامة.

 

في حالات كثيرة، لم يستغرق الأمر سوى ساعات بين النشر والضبط، لتؤكد الوزارة أن الفضاء الرقمي ليس خارج سلطة الدولة، وأن ما يُنشر لا يُنسى ولا يُهمل، بل يُتابَع ويُحاسَب.

 

القانون لا يعبث.. وهذه هي العقوبات

وفقًا لقانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات رقم 175 لسنة 2018، فإن:

التحريض على الفسق والفجور أو خدش الحياء العام يعاقب عليه بالحبس والغرامة.

نشر أخبار كاذبة أو محتوى مسبب للذعر يُعد جريمة تهدد الأمن العام.

التعدي على القيم الأسرية أو تصوير الآخرين دون إذنهم، أو ترويج العنف، كلها أفعال يُعاقب مرتكبوها بالحبس الذي قد يصل إلى 5 سنوات أو أكثر في بعض الحالات.

وبموجب هذا القانون، تم تقديم عدد كبير من المشاهير على الإنترنت إلى المحاكمة، وتم بالفعل إصدار أحكام بالسجن والغرامة على من ثبُت تورطهم في محتوى مخل أو محرض.

لايكك ليس بريئًا

ما لا يعرفه الكثيرون أن مجرد مشاركة الفيديو أو الضغط على “لايك” أو “ريتويت” لمحتوى مخالف قد يُعد شكلًا من أشكال الترويج أو المشاركة، خاصة إذا كان المحتوى يحرض على الجريمة أو يُسيء للآخرين، ما يضع المستخدم تحت طائلة المسؤولية الجنائية أو على الأقل أمام مساءلة قانونية.

 

رسالة الداخلية واضحة: لا أحد فوق القانون

في جميع البيانات الصادرة عن وزارة الداخلية حول هذه القضايا، تتكرر الرسالة ذاتها:

منصات التواصل ليست خارج القانون، والحرية تقف عندما تُهدد المجتمع أو تُسيء لقيمه.

 

الوزارة لا تستهدف تقييد الحريات، بل حماية النسيج المجتمعي من الانهيار أمام “ترندات” زائفة، هدفها فقط زيادة المشاهدات ولو على حساب الأمن والسلوك.

 

نحو وعي رقمي جديد

الردع وحده لا يكفي، ولهذا تُراهن وزارة الداخلية أيضًا على التوعية، من خلال التعاون مع الإعلام والمدارس والجامعات، لزرع ثقافة جديدة قوامها:

 

الحرية لا تعني الفوضى.

كل فعل على الإنترنت له عواقب في الواقع.

المجتمع مسؤول عن حماية نفسه، بدءًا من الضغط على زر.

الختام: الإنترنت مرآة للمجتمع.. فلنحسن صورته

المشهد الرقمي أصبح ساحة حقيقية للصراع بين الخير والشر، البناء والهدم.

وما تقوم به الداخلية اليوم ليس مجرد “ضبطيات” أمنية، بل هو دفاع مستمر عن حق المواطن في ألا يُفاجأ بمقطع مخل أو دعوة منحرفة على هاتف طفله.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى