
سر فشل الحميات القاسية، في العصر الحالي تزداد الضغوط الاجتماعية والإعلانات التجارية التي تروج للجسد المثالي، ما يدفع الكثيرين إلى البحث عن حلول سريعة لفقدان الوزن، وتظهر هنا ما يُعرف بـ”الحميات القاسية” أو الـ Crash Diets، التي تعد بخسارة سريعة للكيلوجرامات في فترة وجيزة.
قد ينجح البعض في البداية، لكن سرعان ما يعود الوزن المفقود وربما يزداد أكثر مما كان عليه.
فما السر وراء فشل هذه الحميات؟ ولماذا ينتهي المطاف غالبًا باسترجاع الوزن المفقود؟
أشارت الدكتورة هدى مدحت أخصائية التغذية العلاجية، إلى أنه قد تبدو الحميات القاسية مغرية لأنها تعد بنتائج سريعة، لكنها في الحقيقة مجرد وهم قصير الأمد. فهي لا تقتصر على الفشل في الحفاظ على الوزن المفقود، بل قد تؤدي إلى آثار صحية سلبية طويلة المدى.
إنقاص الوزن بسهولة
ما هي الحميات القاسية؟
الحميات القاسية هي أنظمة غذائية تعتمد على تقييد شديد للسعرات الحرارية، وغالبًا ما تحدد نوعًا أو نوعين فقط من الأطعمة لتناولها يوميًا، مثل حمية التفاح أو حساء الكرنب، أو تفرض سعرات حرارية منخفضة جدًا لا تكفي لاحتياجات الجسم.
الهدف منها هو فقدان الوزن بسرعة خلال أيام أو أسابيع قليلة، وهو ما يجعلها جذابة لكثير من الأشخاص الذين يرغبون في نتائج عاجلة.
لماذا تحقق الحميات القاسية نتائج سريعة في البداية؟
عند تقليل السعرات الحرارية بشكل مفاجئ وحاد، يضطر الجسم إلى استخدام مخزونه من الجليكوجين (الكربوهيدرات المخزنة في العضلات والكبد). والجليكوجين يرتبط بالماء، لذا فإن استهلاكه يؤدي إلى فقدان كمية كبيرة من الماء في الجسم، فيظهر الميزان وكأنه يشهد انخفاضًا سريعًا في الوزن. لكن هذه الخسارة ليست في الدهون كما يظن البعض، وإنما هي فقدان للماء والكتلة العضلية.
الأسباب العلمية لفشل الحميات القاسية
تباطؤ عملية الأيض (التمثيل الغذائي)
عندما يعتاد الجسم على نقص السعرات الحاد، يدخل في “وضعية المجاعة”، حيث يبدأ في تقليل استهلاك الطاقة للحفاظ على البقاء. وبالتالي، تنخفض سرعة الحرق، ويصبح فقدان الوزن أكثر صعوبة مع الوقت.
فقدان الكتلة العضلية
نظرًا لأن البروتين والسعرات لا تكون كافية، يبدأ الجسم في استهلاك العضلات للحصول على الطاقة، مما يقلل من الكتلة العضلية. وبما أن العضلات هي المسؤولة عن رفع معدل الأيض، فإن خسارتها تجعل الحرق أبطأ.
حرمان الجسم من العناصر الغذائية الأساسية
غالبًا ما تفتقر الحميات القاسية إلى التوازن بين البروتينات والدهون الصحية والفيتامينات والمعادن، ما يؤدي إلى مشكلات صحية مثل ضعف المناعة، سقوط الشعر، الإرهاق، واضطراب الهرمونات.
الجوع الشديد والرغبة في الأكل
التقييد المبالغ فيه يخلق حالة من الحرمان النفسي، فيزداد التركيز على الطعام ويصعب مقاومة الرغبة في الأكل. وبمجرد انتهاء الحمية، ينقض الشخص على الطعام لتعويض ما حُرم منه، ما يؤدي إلى الإفراط وزيادة الوزن.
تأثير الهرمونات
تقييد السعرات يؤثر على هرمونات الجوع والشبع مثل “الليبتين” و”الغريلين”. تنخفض مستويات هرمون الشبع (الليبتين) وتزداد مستويات هرمون الجوع (الغريلين)، فيصبح التحكم في الشهية أكثر صعوبة.
ظاهرة استرجاع الوزن (اليويو دايت)
يطلق الخبراء على العودة إلى الوزن السابق بعد الحمية اسم ظاهرة اليويو، وهي حالة شائعة بين متبعي الحميات القاسية. في البداية يخسر الشخص بعض الكيلوجرامات، ثم يعود الوزن تدريجيًا، وغالبًا مع زيادة إضافية. هذه الدوامة تجعل الشخص يعيش في دائرة مفرغة من الحرمان والإفراط، ما يضر بالصحة الجسدية والنفسية على حد سواء.
الأضرار الصحية للحميات القاسية
ضعف الجهاز المناعي بسبب نقص المغذيات.
مشاكل في الجهاز الهضمي مثل الإمساك أو الإسهال.
اضطرابات في الهرمونات خاصة عند النساء، وقد تصل إلى انقطاع الدورة الشهرية.
مشاكل نفسية مثل الاكتئاب والقلق والشعور بالفشل المستمر.
ترهل الجلد نتيجة فقدان الوزن السريع وغير الصحي.
التخلص من الوزن الزائدالتخلص من الوزن الزائد
لماذا تعتبر الحميات المتوازنة أكثر نجاحًا؟
ولفتت أخصائية التغذية العلاجية، إلى أنه على عكس الحميات القاسية، ترتكز الأنظمة الصحية الناجحة على التوازن والاعتدال، حيث يتم تقليل السعرات تدريجيًا مع الحفاظ على جميع العناصر الغذائية الأساسية. كما أنها تهدف إلى تغيير نمط الحياة والعادات الغذائية على المدى الطويل، بدلًا من تقديم حل مؤقت.
النظام المتوازن يشمل:
تناول كميات كافية من البروتين لدعم العضلات.
الاعتماد على الكربوهيدرات المعقدة مثل الحبوب الكاملة.
إدخال الدهون الصحية مثل زيت الزيتون والمكسرات.
الإكثار من الخضروات والفواكه الغنية بالألياف والفيتامينات.
شرب الماء بانتظام.
كيف نتجنب فخ الحميات القاسية؟
وضع أهداف واقعية: فقدان نصف كيلوجرام إلى كيلوجرام أسبوعيًا هو المعدل الصحي.
اتباع نظام غذائي متوازن بدلًا من الحرمان.
ممارسة الرياضة بانتظام لدعم عملية الأيض والحفاظ على العضلات.
تبني عادات حياتية صحية مثل النوم الجيد وتقليل التوتر.
استشارة مختص تغذية عند الرغبة في فقدان الوزن بطريقة آمنة.