
فقد شاب عينه في أحد الأحياء الشعبية، بعد مشاجرة لم تستغرق دقائق، وفي حادث آخر بترت يد رجل على يد مجموعة مسلحة بالأسلحة البيضاء.
قصص حقيقية هزت الرأي العام في مصر خلال السنوات الأخيرة، وفتحت الباب واسعًا أمام التساؤل: متى يتحول الضرب إلى جريمة جنائية كبرى تُصنف كـ “عاهة مستديمة”؟
ما المقصود بالعاهة المستديمة قانونيًا؟
الاعتداءات الجسدية ليست مجرد مشاجرات عابرة، فهناك إصابات تترك أثرًا لا يُمحى، ويُصنفها القانون كجنايات، المادة 240 من قانون العقوبات المصري نصّت بوضوح على أن:
ويعاقب بالسجن من 3 إلى 10 سنوات كل من أحدث بغيره جرحًا أو ضربًا نشأ عنه عاهة مستديمة يستحيل برؤها.”
وتشمل هذه الحالات: فقدان البصر أو السمع، بتر أحد الأطراف، الشلل الجزئي أو الكامل، أو أي إصابة تسبب تشويهًا دائمًا في الوجه أو الجسد. أما إذا ارتبط الاعتداء بسبق الإصرار أو الترصد، فقد تصل العقوبة إلى السجن المؤبد، وإذا أفضى الضرب إلى وفاة المجني عليه، تتحول الجريمة إلى قتل عمد أو ضرب أفضى إلى الموت، وقد تصل العقوبة إلى الإعدام.
جرائم هزت الرأي العام
شهدت المحاكم المصرية مؤخرًا قضايا أثارت الجدل حول العنف الجسدي المؤدي إلى عاهات مستديمة.
في إحدى القضايا، فقد شاب عينه نتيجة اعتداء جماعي، وحكمت المحكمة على الجاني بالسجن 10 سنوات.
وفي واقعة أخرى، بترت يد شاب إثر اعتداء بالأسلحة البيضاء، وأصدرت المحكمة أحكامًا مشددة وصلت إلى 15 عامًا على الجناة.
هذه النماذج توضح أن الجريمة لا تقتصر على مشاجرة عابرة، بل تنتهي بتدمير حياة أشخاص بشكل لا عودة فيه.
كيف يواجه القانون هذه الجرائم؟
القانون المصري لا يكتفي بتجريم الاعتداءات، بل شدد العقوبات والإجراءات المصاحبة لها:
تشديد العقوبات حال استخدام الأسلحة البيضاء أو النارية.
تعزيز الرقابة الأمنية في البؤر التي تشهد عنفًا متكررًا.
تسريع إجراءات التقاضي لحماية حقوق الضحايا وضمان عدالة ناجزة.
نشر التوعية المجتمعية بخطورة هذه الاعتداءات وأثرها المدمر على الضحايا
رغم أن القانون فرض عقوبات تصل إلى المؤبد، يرى خبراء أن الردع الحقيقي لا يتحقق إلا بتطبيق صارم وسريع، إلى جانب رفع وعي المجتمع بخطورة هذه الجرائم.
وتزداد المطالب بزيادة العقوبات في حال كان الضحية طفلًا أو من ذوي الاحتياجات الخاصة، أو كان الجاني معتادًا على
العاهة المستديمة لا تسلب الضحية عضوًا أو وظيفة جسدية فحسب، بل قد تسلبه حياته الطبيعية ومستقبله كله.
وبينما يحكم القانون قبضته على الجناة، يبقى التغيير المجتمعي ضرورة، حتى لا تتحول المشاجرات العابرة إلى مآسٍ تترك جروحًا لا تندمل في جسد الوطن.