أخبارعاجل

مصر والسودان.. علاقات تاريخية ومصير مشترك.. قمة وادي النيل صفحة جديدة لتعاون مثمر.. القاهرة تجدد الدعم

كتب-حسين محمود

تشكل زيارة رئيس الوزراء السوداني الدكتور كامل إدريس صفحة جديدة في العلاقات المشتركة بين مصر والسودان وتأكيد على مدى الارتباط الوثيق بين البلدين، وتجديد للدعم المصري لوحدة وسيادة واستقلالية السودان الذي يتعرض لتهديدات خارجية وداخلية في مرحلة دقيقة تعيشها البلاد.

 

مباحثات هامة تطرق لها الجانبين المصري والسوداني في قمة القاهرة التي تطرقت لملف الأمن القومي للبلدين، وملف الأمن المائي للخرطوم والقاهرة، وملف إعادة الاعمار حيث يأمل الجانب السوداني في دور مصري فاعل في إعادة الاعمار ومساعدة الجانب السوداني في تأهيل البنية التحتية خاصة في العاصمة الخرطوم.

 

 

 

 

وعقد رئيسا وزراء مصر والسودان جلسة مباحثات رسمية تناولت أطر ومشاريع التعاون بين البلدين الشقيقين في المرحلة المقبلة. كما عقد الوزراء من الجانبين اجتماعات ثنائية لبحث المقترحات والبرامج التفصيلية للتعاون بين الوزارات النظيرة.

 

وجددت مصر دعمها الكامل لحكومة السودان، وكافة المساعي الرامية للحفاظ على مؤسساته الوطنية ورفض أي تهديد لوحدة السودان وسلامة أراضيه، والوقوف إلى جانب تطلعات الشعب السوداني في التقدم والازدهار وتحقيق أهدافه في إعادة الإعمار والتنمية.

 

وتعد زيارة الدكتور كامل ادريس متفردة في أهدافها حيث تعد أول زيارة لرئيس وزراء سوداني إلى القاهرة منذ 5 سنوات، وذلك في ظل التحديات التي تواجه حكومة السودان الجديدة التي تعمل على الدفع نحو الانتخابات وتعزيز الحياة الديمقراطية في السودان، ويمثل نجاح الزيارة مرحلة جديدة ستنعكس بشكل إيجابي على العلاقات بين شطري وادي النيل لتعزيز التنسيق والتعاون المشترك.

سفير السودان لدى مصر

وتتوافق الرؤى المصرية السودانية في عدد من الملفات الهامة ولعل أبرزها رفضهما الكامل للتحركات الأحادية في موضوع مياه النيل والذي يعني بأن إثيوبيا عليها التعامل بجدية مع منعطفات الرؤية المشتركة للبلدين في ظل الرفض الأمريكي والأوروبي لنهج إثيوبيا تجاه سد النهضة.

 

وجددت الدولة المصرية موقفها المتزن بدعم وحدة وسيادة الأراضي السودانية، واتخاذ خطوات جديدة في ملف البحر الأحمر الذي يمثل هاجسا قويا على مستوى الدول العظمى والملف الدولي والإقليمي، ما يتطلب التنسيق المشترك بين القاهرة والخرطوم في هذا الملف إلهام وعدد من الملفات الأخرى التي تعزز موقف الحكومة السودانية على المستويين الإقليمي والدولي.

 

من جانبه، أكد سفير السودان في القاهرة عماد عدوي أن زيارة رئيس الوزراء تعكس التقدير الكبير إلى مصر وقيادتها الحكيمة، وذلك تأكيدا التزاما بتوجيهات رئيسا البلدين المتعلقة باستمرارية تنسيق المواقف حيال مختلف القضايا الإقليمية والدولية، وضرورة التشاور المستمر بين القاهرة والخرطوم.

 

وقال سفير جمهورية السودان لدى القاهرة في بيان له إن زيارة رئيس الوزراء سانحة للتأكيد على توجهات ثابتة لدى حكومة السودان بأن مصر شريك استراتيجي موثوق في كافة المجالات بما في ذلك اعادة الإعمار في ضوء التجربة المصرية المتميزة في البناء والتعمير، مشيرا إلى أن الزيارة شهدت استعراضاً لمجمل العلاقات الثنائية وسبل تطويرها، وقال إنها ناقشت كافة أوجه الفرص والممكنات بما يؤمن الانتقال بتلك العلاقة إلى آفاق جديدة تلبي تطلعات شعبي وادي النيل، بجانب موضوعات أخرى في مقدمتها استمرار الرعاية المصرية للمواطنين السودانيين المقيمين في مصر ومواصلة تقديم التسهيلات اللازمة.

وشهدت العلاقات بين مصر والسودان تطورا كبيرا ونقلة نوعية، منذ تولى الرئيس عبد الفتاح السيسي الحكم، وتم تصعيد قمة اللجنة العليا المشتركة، إلى المستوى الرئاسي، والتي عقدت اولى دوراتها في أكتوبر 2016 بالقاهرة، تعبيرا عما يربط الشعبين من مصير مشترك، وما يجمع البلدين من علاقات تاريخية ممتدة، وبما يعكس التطورات الإيجابية التي شهدتها تلك العلاقات خلال الفترة الأخيرة.

 

عملت مصر منذ اندلاع الأزمة السودانية في العام 2023 على تكثيف جهودها السياسية والدبلوماسية لوقف الحرب في البلاد وعدم الحوار السوداني – السوداني بعيدا عن التدخلات الخارجية السلبية التي أدت لتعميق الأزمة بشكل كبير وأفضت إلى انقسام في صفوف القوى والمكونات السودانية.

 

فيما، أشاد معتز الفحل، الأمين السياسي للحزب الاتحادي الديمقراطي السوداني، بالموقف المصري الداعم لوحدة وسيادة السودان ودعم المؤسسة الوطنية في البلاد، موضحا أن زيارة رئيس وزراء السودان إلى القاهرة في أول زيارة خارجية تعد تأكيد على الدور المحوري والاستراتيجي على العلاقة المتجددة بين البلدين.

 

وأعرب معتز الفحل عن تقدير بلاده لموقف مصر ووقوفها إلى جانب الشعب السوداني، مشددا على أهمية التكاتف بين البلاد في إطار رغبة السودان في التنسيق والتعاون مع الدولة المصرية، موضحا أن الزيارة تطرقت إلى قضايا استراتيجية منها الأمن القومي، لافتا إلى أن الاستقبال المصري الحافل لرئيس وزراء السودان تؤكد وقوف مصر إلى جانب الدولة السودانية.

 

وعن أبرز ملفات التعاون بين البلدين، أكد الفحل أن ملف أمن البلدين وتأمين الحدود والأمن القومي المائي تعد من أبرز الملفات المطروحة للتشاور كأولوية، والتنسيق على الصعيد الاقتصادي والتجاري ومساعدة الخرطوم في ملف إعادة الاعمار وتأهيل البنية التحتية المدمرة.

 

وتحرص مصر على توحيد القوى السودانية والحفاظ على وحدة البلاد وسيادتها وتقديم كافة سبل الدعم للمؤسسات الوطنية في البلاد، فضلا عن الدعم المصري الكبير للدولة السودانية بالانفتاح على المستويين العربي والدولية، بالإضافة إلى الاهتمام المصري بالتواصل مع المكونات السياسية السودانية في إطار دورها للحفاظ على وحدة البلاد.

 

من جانبه، قال المرشح الرئاسي والوزير السوداني السابق ، حاتم السر، إن اختيار رئيس الوزراء السوداني الدكتور كامل ادريس، مصر كأول محطة خارجية يزورها بعد استلام مهامه رئيسا لمجلس الوزراء السوداني الجديد، تحمل العديد من الدلائل المهمة والمعاني العميقة في هذا التوقيت، وتعكس الزيارة العديد من الدلالات، التي يمكن إبراز أهمها في

التأكيد علي أهمية الدور المصري في القضية السودانية باعتبار أن مصر حليفًا استراتيجيًا للسودان، وأن الرؤية المصرية ظلت ثابتة وراسخة في الدعوة لأهمية الحفاظ على دور الدولة الوطنية السودانية وتمكين مؤسساتها القومية من القيام بوظائفها، فضلًا عن رفض التدخلات الخارجية في شؤون السودان وهو ما ظل يدعو إليه الرئيس السيسي، خلال مشاركته في القمم العربية والإقليمية والدولية.

 

وأوضح السر أن الزيارة تعكس الالتفات السوداني في عهد رئيس الوزراء الحالي بالمحيط العربي ، وهو ما يعد ترجمة للبعد العربي في سياسة السودان الخارجية، مشيراً الي أن الزيارة فرصة للاستفادة السودانية من الخبرات المصرية في مشروعات إعادة الإعمار، فضلًا عن تعزيز الاستفادة من القدرات والكفاءات المصرية في مختلف المجالات، لا سيما وأن مصر تمتلك خبرات دولية في مجال إعادة الإعمار، سواء فيما يتعلق بإنشاء المدن الجديدة وتأهيل المناطق المنكوبة أو إنشاء وإصلاح البنى التحتية، وإمدادها بالخدمات اللوجستية اللازمة لتشغيلها.

 

وأكد السر أن هذه الزيارة ستبعث برسائل شديدة الوضوح تعكس مدى الترابط العميق بين البلدين الشقيقين والشعبين السوداني والمصري “ووصف الزيارة ب”المهمة والتاريخية”، وأنها أتت في ظروف شديدة الأهمية والحساسية بالنسبة للسودان.

 

وأشار إلى تقدير الشعب السوداني الشديد لمعرفة الأشقاء المصريين وإدراكهم ووعيهم بحجم التحديات الكبيرة التي يواجهها السودان والمنطقة والظروف التي نمر بها المنطقة.

 

أشاد رئيس الوزراء السوداني في مؤتمر صحفي بمنزل سفير السودان بالقاهرة، مساء الخميس، بالتسهيلات التي قدمتها الحكومة المصرية في مجالات التعليم والصحة وتسهيـلات العبور عبر المعابر الحدودية، إلى جانب معالجة متأخرات ديون الكهرباء، مما يعكس عمق العلاقات بين البلدين، داعيا وسائل الإعلام إلى التركيز على القضايا الكبرى مثل العودة الطوعية للنازحين وإعادة تأسيس الدولة، مؤكداً أن هذه الملفات تشكل أولوية لحكومته في المرحلة المقبلة.

 

فيما، أكد الكاتب الصحفي السوداني عثمان الميرغني، أن زيارة الدكتور كامل إدريس لها أهمية قصوى للبلدين لأنها تفتح الطريف أمام شراكات ثنائية في مشروعات اعادة اعمار السودان، إضافة لمساعي الوساطة المصرية في الأزمة السودانية في المسار السوداني المتعلق بجمع المكونات السياسية والمجتمعية السودانية في مؤتمر القاهرة الثاني، ومسار الرباعية الدولية التي تحاول قف الحرب.

 

أوضح الكاتب الصحفي السوداني في تصريحات لـ”اليوم السابع” أن مصر تلعب دورا مؤثرا في حشد الجهود الإقليمية والدولية لصالح المحافظة على وحدة وسيادة السودان.

 

وتتسم العلاقات بين القاهرة والخرطوم بمجموعة من الصفات التي تميزها وترسخ منها وتمنحها الصلابة في مواجهة المتغيرات، في مقدمة هذه الصفات أن العلاقات المصرية السودانية على الصعيد السياسي هي ترجمة للعديد من العوامل الأخرى المتجذرة بين البلدين، وهي ترجمة لتاريخ  مشترك حافل، ولحقائق الجغرافيا الطبيعية والبشرية، وهي ترجمة لروابط الشعبين التي لا يستطيع أحد في اي من البلدين القفز عليها.

 

وأكد الجانبان المصري والسوداني خلال المباحثات الثنائية، على أهمية النظر في عقد اللجان المشتركة، على أن تقوم الجهات المعنية في البلدين بتحديد التوقيتات المناسبة في هذا الشأن. كما ناقش الجانبان تطوير التعاون في مجال الاستثمار والفرص المتاحة للشركات المصرية للاستثمار في عدد من المجالات ذات الأهمية الاستراتيجية للسودان، لا سيما مع استشرافه مرحلة إعادة الإعمار.

 

فيما أكد الكاتب السوداني عادل عوض أن زيارة رئيس الحكومة السودانية إلى القاهرة تدلل على امتنان السودانيين لمصر حكومة وشعبا لوقوفهم مع السودان في محنتهم، مشيرا إلى أن الزيارة تناولت قضايا الأمن المائي بالوقوف إلى جانب مصر ضد الإجراءات الأحادية الإثيوبية في ملف السد النهضة الاثيوبي.

 

ولفت في تصريحات خاصة لـ”اليوم السابع” إلى وجود اهتمام مصر لإنهاء الأزمة السودانية وحفظ سيادة البلاد وعدم التدخل في الشأن السوداني وحسم التمرد بما يحسم سيادة السودان، مؤكدا أن رئيس وزراء السودان تحدث عدة مرات بإيجابية كبيرة تجاه الدولة المصرية وضرورة تعزيز التواصل بين القاهرة والخرطوم، مشيدا بموقف مصر الواضح والذي يهدف لإرساء السلام في السودان وهو ما نقدره بشكل كبير.

 

من جانبه، وصف الباحث السوداني إبراهيم ناصر زيارة رئيس الحكومة بالمهمة وتأكيد على الدور المصري الايجابي في تاريخ السودان المستقبلي، مؤكدا أن الدولة المصرية هي الوحيدة التي تستحق الثناء والشكر على دورها الداعم للسودان، مرجحا أن يكون هناك موقفا مصريا حاسما للحفاظ على وحدة السودان ودعم المؤسسات الوطنية.

 

وأشار “ناصر” في تصريحات لـ”اليوم السابع” إلى وجود تحديات مشتركة في الإقليم خاصة الوضع في جنوب السودان واريتريا واثيوبيا لاسيما ملف سد النهضة، مؤكدا أن الموقف السوداني دعم للموقف المصري الرافض للإجراءات الأحادية الأثيوبية في سد النهضة.

 

تُعد الخرطوم عمقًا استراتيجيا لمصر من حدودها الجنوبية؛ وهو ما يتطلب تكثيف التعاون المشترك بين البلدين في المجالات كافة، خاصة في المجال الأمني والعسكري.

 

وترتبط مصر بالسودان بعلاقات أزلية تقوم على روابط القرابة والدم والتاريخ الواحد واللغة والدين الواحد، واستقبل السودان البعثات العلمية من مصر منذ عهد الفراعنة “مدرسة الاسكندرية” إلى أن جاءت المسيحية وانتشرت في مصر ومن بعدها قامت مصر بنشرها في السودان عن طريق إرسال مطارنة النوبة فانتشرت الكنائس والأديرة على ضفاف النيل وفي جزيرة “مروي” وعلى جانبي النيل الأزرق.

 

شهدت العلاقات المصرية – السودانية تطورا كبيرا وبشكل غير مسبوق فى عهد الرئيس عبد الفتاح السيسى الذي يحرص على تطور العلاقات ودفعها وتعزيزها للوصول إلى مرحلة التكامل الاستراتيجى بين البلدين فى مختلف المجالات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى