عاجلمقالات

حسين محمود يكتب:أسبوع النار

لم يكن الأسبوع الماضي مجرد سلسلة حوادث عابرة، بل كان أسبوعًا أسود بكل المقاييس.. أسبوع اشتعلت فيه النيران في كل اتجاه، وكأن البلاد دخلت في سباق مع اللهب، وسط علامات استفهام لا تنتهي: من المسؤول؟ ومن يراجع؟ وأين خطط الأمان والسلامة؟

خلال أيام قليلة فقط، اندلعت حرائق متزامنة في مراكز حيوية ومؤسسات اقتصادية وتجارية كبرى، من سنترال رمسيس إلى مول زايد، مرورًا بمصنع المنظفات في بدر وفندق الإسكندرية، لتتحول المدن إلى مسارح نيران، والناس إلى شهود على مشاهد رعب حقيقية.

 

سنترال رمسيس.. مرتان

في قلب القاهرة، تحديدًا بشارع الجلاء، اشتعل سنترال رمسيس مرتين خلال أقل من 5 أيام، وسط ذهول كامل من المواطنين. ألسنة اللهب تصاعدت من مبنى الاتصالات، مسببة توقفًا جزئيًا في خدمات الإنترنت في عدد من المحافظات، وانقطاع الاتصالات، بل وتعطّلت البورصة المصرية مؤقتًا بسبب تعطل الربط الإلكتروني، وهو أمر غير مسبوق في تاريخ السوق.

جهات التحقيق ما زالت تبحث في الأسباب، لكن الحقيقة أن “الحماية المدنية” هرعت مرتين إلى نفس المكان، دون أن نجد إجابة عن: لماذا تكررت الواقعة؟!

مول زايد.. لهيب في قلب أحد أكبر مراكز التسوق

وفي مدينة الشيخ زايد، اشتعلت النيران في أحد أشهر المولات التجارية، في حادث تسبب في خسائر مادية ضخمة، وأثار حالة من الذعر بين العاملين والزوار.

الحريق اندلع في الطابق الأرضي وامتد بسرعة مذهلة بفعل المخازن الممتلئة بالمواد القابلة للاشتعال، وسط ضعف منظومة إنذار الحريق.

رغم تدخل فرق الإطفاء السريع، فإن أسئلة كثيرة تُطرح عن إجراءات السلامة في هذا النوع من المنشآت التي تستقبل الآلاف يوميًا.

كيف لمول بهذا الحجم ألا يكون مزودًا بتجهيزات احتواء النيران؟ وأين التفتيشات الوقائية الدورية؟

الإسكندرية.. مطعم وفندق يتحولان إلى رماد

في منطقة سموحة بالإسكندرية، اندلع حريق مروع في الساعات الأولى من الصباح داخل مطعم سياحي وفندق مجاور. النيران بدأت من المطبخ وانتشرت بشكل عنيف في الطوابق العليا، لتتسبب في خسائر مادية هائلة وإصابات طفيفة بين النزلاء، وتدخل عاجل من قوات الحماية المدنية.

المطعم كان من الوجهات المعروفة في المدينة، وتحول إلى كومة من الدخان، وسط روايات تتحدث عن ضعف التوصيلات الكهربائية وتخزين خاطئ للمواد القابلة للاشتعال.

مدينة بدر.. مصنع يتحول إلى جحيم

في المنطقة الصناعية بمدينة بدر، تعرض مصنع منظفات لانفجار مفاجئ أعقبه حريق ضخم، أدى إلى إصابة 10 عمال باختناقات وجروح، وسط استغاثات من العاملين وأهالي المنطقة.

التحقيقات الأولية تشير إلى وجود مواد كيميائية غير مؤمنة، وسوء تخزين، مع غياب أدوات الوقاية.

وهو ما يعيد للأذهان كوارث سابقة كان يمكن تفاديها بقليل من الرقابة وكثير من الضمير.

شارع جسر السويس.. حريق داخل محل ملابس

 

وفي القاهرة أيضًا، وبالتحديد في شارع جسر السويس، التهمت النيران محل ملابس شهير في منطقة حيوية تعج بالحركة والمارة.

الخسائر المادية كانت جسيمة، لكن الأهم أن الحريق كشف عن ضعف منظومة الحماية المدنية بالمحال التجارية الصغيرة، التي كثيرًا ما يتم استثناؤها من الرقابة رغم كثافة الزوار والبضائع.

ما حدث في هذا الأسبوع الكارثي ليس مجرد حوادث منفصلة.. بل يبدو وكأن هناك تراخيًا عامًا في تطبيق اشتراطات السلامة والحماية، سواء في المؤسسات الحكومية أو الخاصة.

هل فشلت الجهات المعنية في التفتيش الوقائي؟

لماذا لا يتم إجراء مراجعات دورية جادة للمنشآت الكبرى؟

ولماذا يُترك المواطن فريسة للنيران والخوف والدمار؟

المواطنون لا يملكون طفايات حريق، لكنهم يدفعون ثمن الإهمال.. أرواحًا وأموالًا.

لا بد من وقفة صارمة.. لا بد من محاسبة واضحة..

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى