عاجلمقالات

حسين محمود يكتب: البرلمان يتحرك.. والدماء تكشف ثغرات التنفيذ

الطرق أصبحت ساحات للدم، والحوادث المرورية تحوّلت إلى مآسٍ متكررة تهز ضمير المجتمع يومًا بعد يوم. وفي مواجهة هذا الواقع المؤلم، لم يعد الصمت مقبولًا، فتحرّك البرلمان أخيرًا ليُعلنها صراحة: “لن نصمت أمام دماء الأبرياء على الأسفلت.”

 

في جلسة تاريخية، صوّت مجلس النواب على تعديلات جوهرية لقانون المرور، استهدفت تعزيز الانضباط المروري وتغليظ العقوبات المفروضة على المخالفين، خاصة أولئك الذين يقودون تحت تأثير المخدرات، أو يعرضون حياة المواطنين للخطر بتجاوز الإشارات والسير العكسي وقيادة سيارات النقل الثقيلة بسرعات جنونية.

 

أبرز التعديلات الجديدة:

الحبس الإجباري لسائقي المركبات المتورطين في حوادث مميتة وثبت تعاطيهم للمواد المخدرة.

 

سحب الرخصة فورًا في حال ثبوت السير عكس الاتجاه أو كسر الإشارة الحمراء.

 

فرض تحليل دوري إلزامي لتعاطي المخدرات على سائقي النقل العام والخاص.

 

مضاعفة العقوبات في حال تكرار المخالفات أو التسبب في أضرار جسيمة.

 

لكن هذه التعديلات، ورغم أهميتها، فجّرت قضية أعمق تتجاوز النصوص القانونية، وهي الفجوة الواسعة بين التشريع والتنفيذ.

 

شهادات صادمة من الواقع:

 

أحد ضباط المرور قال لنا:

“هناك قوانين رادعة بالفعل، لكن المشكلة أننا أحيانًا نواجه عراقيل في تنفيذها، سواء بسبب نقص الإمكانيات أو عدم توفر تقنيات الضبط الإلكتروني.”

 

أما أحد خبراء الطرق فأكد أن “عدد كبير من سائقي النقل يتعاطون المخدرات بشكل يومي تقريبًا، ولا توجد رقابة كافية على الطرق السريعة”. وأشار إلى أن أغلب الحوادث الكارثية خلال الشهور الماضية، كانت بسبب إما السرعة الزائدة أو قيادة تحت تأثير المخدر.

 

حلول مطروحة على طاولة الدولة:

1. توسيع شبكات كاميرات المراقبة الذكية على كل الطرق، لتسجيل المخالفات لحظة بلحظة.

 

2. إطلاق حملات تحليل مفاجئة لسائقي النقل والأجرة، وربط النتائج بمنظومة المرور.

 

3. إنشاء قاعدة بيانات مركزية موحدة تشمل كل سائقي وسائل النقل وتاريخهم المروري والصحي.

 

4. دمج التكنولوجيا في كل خطوة مرورية بدءًا من رخصة القيادة وحتى تسجيل المخالفة والتحقيق في الحوادث.

الدماء تنادي بالمحاسبة:

آخر حادثة مروعة وقعت على الطريق الإقليمي قبل أيام، وأسفرت عن وفاة 10 مواطنين، كشفت أن السائق كان تحت تأثير مواد مخدرة، وأنه كان يقود بسرعة تتجاوز 140 كم/ساعة، مخالفًا كل قواعد السلامة. ورغم وضوح الجريمة، فإن البعض لا يزال ينجو من العقاب الكامل، بسبب ثغرات في التنفيذ أو تأخير الإجراءات.

 

ما فعله البرلمان خطوة محترمة تأخرت كثيرًا، لكنها لن تكتمل إلا بتحرك عاجل من الحكومة لتطبيق القانون بقوة وحسم. لا يجب أن تتحوّل الطرق إلى مقابر مفتوحة، ولا يمكن أن تستمر الحوادث بلا ردع حقيقي.

إذا لم تتحدّ الأجهزة المعنية كلها خلف هدف واحد وهو حماية أرواح المصريين، ستبقى التعديلات حبرًا على ورق، وستظل الدماء تنزف على الأسفلت.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى