عاجلمقالات

حسين محمود يكتب: رسالة واضحة.. لا حصانة لأموال مشبوهة

في إطار الحرب الشاملة التي تخوضها الدولة ضد الجرائم الاقتصادية، تأتي مكافحة “غسل الأموال” على رأس أولويات الأجهزة الأمنية والجهات الرقابية، نظراً لخطورة هذا النوع من الجرائم على الاقتصاد الوطني، واستقراره، ومصداقية النظام المالي أمام المجتمع الدولي.

 

تشريعات حاسمة لمواجهة المال غير المشروع

 

شهدت الفترة الأخيرة إصدار وتعديل عدة قوانين تهدف إلى تضييق الخناق على مرتكبي جرائم غسل الأموال، من أبرزها تعديل بعض أحكام قانون مكافحة غسل الأموال رقم 80 لسنة 2002، بما يتماشى مع المعايير الدولية التي وضعتها مجموعة العمل المالي (FATF).

ومن بين التعديلات البارزة، توسيع نطاق الجهات الملزمة بالإبلاغ عن العمليات المشبوهة، ومنح النيابة العامة سلطات أوسع في تتبع الأموال ومصادرتها مؤقتًا أو دائمًا، دون الحاجة إلى حكم نهائي، في حالات محددة.

 

دور وحدة التحريات المالية المركزية

 

تؤدي الوحدة المصرية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب دورًا محوريًا في تلقي البلاغات وتحليلها، والتعاون مع البنوك والمؤسسات المالية للكشف المبكر عن أنماط العمليات المشبوهة، لا سيما تلك المرتبطة بتحويلات خارجية غير مبررة، أو حسابات تُدار بأنماط غير معتادة.

 

وصرّح مصدر أمني رفيع أن التعاون بين الوحدة وجهات إنفاذ القانون أدى إلى كشف شبكات منظمة استخدمت شركات وهمية، وعقود صورية، لتدوير الأموال الناتجة عن أنشطة غير مشروعة، أبرزها الاتجار في المخدرات، والاتجار بالبشر، وتهريب الآثار.

 

ملاحقات دولية وتجميد أصول

 

ضمن التحركات الصارمة، كثّفت النيابة العامة من التعاون مع الإنتربول، لاسترداد متهمين فارّين، وتجميد أصولهم في الخارج. كما بدأت السلطات القضائية استخدام آلية “المصادرة غير المشروطة”، التي تتيح للدولة مصادرة الأموال بمجرد إثبات عدم مشروعية مصدرها، حتى دون إدانة جنائية مباشرة.

 

دور البنوك والقطاع المصرفي

 

أصبحت البنوك خط الدفاع الأول في مواجهة غسل الأموال، بعد أن فُرضت عليها التزامات قانونية صارمة بموجب قانون البنك المركزي الجديد. وتشمل هذه الالتزامات فحص هوية العملاء بدقة، ومتابعة العمليات المالية ذات المخاطر المرتفعة، والإبلاغ الفوري عن أي شبهة.

 

وتعمل البنوك بالتنسيق مع وحدة مكافحة غسل الأموال من خلال أنظمة إلكترونية متقدمة ترصد الحركات غير المعتادة، وتمنع تمرير الأموال غير النظيفة عبر النظام المصرفي.

 

تدريب وتأهيل… وملاحقة إلكترونية

 

أكدت وزارة الداخلية أنها كثّفت برامج تدريب الكوادر في مباحث الأموال العامة، وجرائم التكنولوجية، للتعامل مع أنماط غسل الأموال الحديثة، التي تتم عبر العملات الرقمية، والمحافظ الإلكترونية.

وتعمل فرق البحث الجنائي بتقنيات الذكاء الاصطناعي لرصد الحسابات الوهمية والتحويلات غير المبررة عبر الإنترنت، لا سيما على منصات التداول غير المرخصة.

 

رسالة واضحة: لا حصانة لأموال مشبوهة

 

في ضوء كل ما سبق، توجه الدولة رسالة واضحة وحاسمة مفادها: “لا حصانة لأي أموال مصدرها غير مشروع، ولا ملاذ آمن لغاسلي الأموال داخل أو خارج البلاد.”

إن ما يجري من تحركات أمنية وتشريعية يعكس إرادة سياسية جادة لبناء اقتصاد نظيف، قائم على الشفافية والمساءلة، وخالٍ من شوائب الأموال السوداء التي تفسد السوق

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى