
تؤكد جميع الأديان والمواثيق على حماية حقوق الملكية الفكرية حتى إن الإعلان العالمى لحقوق الإنسان يعرف الملكية الفكرية على انها الحق فى حماية المصالح الأخلاقية والمادية الناجمة عن اى نتاج علمى أو أدبى أو فنى يكون الشخص مؤلفه، وقد أفتت دار الإفتاء المصرية بأن انتحال الحقوق الفكرية أو التعدي عليها دون إذن من أصحابها أمر محرم شرعا لأن فى ذلك تضييع لحقوق الناس وأكل لأموالهم.
ومن أجل ذلك أيضا خصصت الأمم المتحدة اليوم 26 أبريل من كل عام اليوم العالمى للحفاظ على حقوق الملكية الفكرية بعدما انتشرت في الآونة الأخيرة السرقات في الدواء وفي الكتب والعلامات التجارية والبرامج التليفزيونية والأشرطة والأفلام والأغاني والألحانار قوانين لحمايتها.
تزوير وتقليد الأعمال الفنية
وبدأت أولى خطوات العمل على الحماية الفكرية بصدور قرارات اتفاقية برن عام 1886 التي طالبت بحماية تلك الحقوق خاصة بعد انتشار القراصنة من كل شكل ولون وما يعقبها من عمليات تزوير وتقليد لبعض الأعمال المترجمة بالرغم من أن المبدع يحتاج إلى دعم مادي وحمايته.
حماية حقوق نشر الفولكلور
وقد طرحت فكرة حماية الملكية الفكرية للمأثورات الشعبية لاول مرة على هيئة اليونسكو بناء على اقتراح من الحكومة البوليفية عام 1973 بإضافة بروتوكول عالمى بشأن حقوق المؤلف ينظم حماية ونشر الفولكلور، وصدر قانون حق المؤلف وتشكيل مجلس خبراء قام بإعداد دراسة صدرت على ضوئها وثيقة دولية فى صورة توصية تناولت موضوعاتها عدة موضوعات بدأت بالتعريف بالفلكلور وحماية وحفظ مواده وفى حالة نشره واستخدامه فى اى مكان.
الاستراتيجية الوطنية لحماية الملكية الفكرية
اتخذت مصر خطوات فعلية منذ سنوات فى حماية حقوق الملكية الفكرية عندما أطلقت الاستراتيجية الوطنية للملكية الفكرية كان آخرها إقرار قانون بإنشاء الجهاز المصرى للملكية الفكرية كآلية تشريعية جديدة للحماية بدأتها بإصدار قانون الملكية الفكرية لأول مرة عام 1954، ثم صدر قانون اتحاد الناشرين عام 1965، وفى عام 2002 ألغى القانون القديم وصدر قانون حقوق الملكية الفكرية رقم 82 لسنة 2002 لحماية الحقوق المالية للمؤلف المنصوص عليها في هذا القانون وهو المعمول به حتى الآن، وهناك بعض الأمور لم يتحدث عنها هذا القانون ويحتاج لتدخل عاجل وسريع منها على سبيل المثال مسؤولية مقدمي خدمات الإنترنت وأيضا التدخل المدرب للذكاء الصناعي في صناعة المحتوى والتأليف والكتابة.
وقد كانت هناك بدايات دولية ومحلية لإصدار قوانين الحماية منذ أربعينيات القرن الماضى حتى إنه عندما قامت الممثلة المصرية فاطمة رشدي بتمثيل رواية على المسرح ادعت أنها مؤلفتها وبالصدفة البحتة ذهب مؤلف الرواية لمشاهدة العرض المسرحي، وطوال مدة العرض فوجئ بسرقة مسرحيته وثمار فكره أمام عينيه وتألم كثيرا عندما أقام المؤلف في اليوم التالي دعوى قضائية ضد فاطمة رشدي يتهمها فيها بسرقة نص مسرحيته ونسبها إلى غير صاحبها الأصلي، وحكم القاضي بفرض غرامة مالية على فاطمة رشدي 15 جنيها لتصبح اول قضية سرقة فنية في مصر.
الفنانة فاطمة رشدى الفنانة فاطمة رشدى
استمر القضاء المصري يحكم في قضايا حقوق الملكية الفكرية بقانون الجنح والجنايات إلى أن تم وضع قانون خاص بالملكية الفكرية بموجب قرار جمهوري كما أنشأت المحاكم الاقتصادية للفصل في قضايا الملكية الفكرية منها تقليد العلامات التجارية وسرقة الألحان وسرقة الأفلام وعرضها والسطو على ألبومات النجوم وبثها مجانا، والأخطر من ذلك هو تقليد صناعة الأدوية تحت بير السلم.
عضوية جمعية الملحنين
وتشارك مصر في عضوية جمعية الملحنين في باريس التي قامت بتسجيل أغنية زورونى كل سنة مرة حرام التى غناها سيد درويش فى العشرينات من كلمات بيرم التونسى فكانت أول أغنية تطبق عليها الحماية الفكرية بموجب القانون الفرنسى بعد أن طلبت اسرة سيد درويش تسجيلها وحمايتها بعد أن قام الأخوان رحبانى بإعادة توزيعها.
الدكتور طه حسين الدكتور طه حسين
وآخر هذه السرقات اكتشاف دور نشر أعادت طبع أعمال الدكتور طه حسين بخلاف الطبعات التى صدرت خارج مصر بالرغم من أن دار المعارف هى المختصة بطبع كتب الدكتور طه حسين لكن طبقا لقانون حق المؤلف وحقوق الملكية الفكرية تسقط حقوق الورثة بعد مرور خمسين عاما على وفاة المؤلف، كما تم السطو على كتب الأديب عباس محمود العقاد ومنها أنه عندما وضع كتابه “ذو النورين” عن الخليفة الثالث عثمان أحمد عثمان شرح فيه العقاد أسباب عدم ضمه الى عبقرياته السابقة لكن قامت أكثر من دار نشر بطباعته وقامت بتغيير عنوان الكتاب ليصبح عبقرية عثمان بن عفان تجاوزا لحق دار النشر.
وطالب عدد من القانونيين المعنيين بقضايا الملكية الفكرية وكذلك اتحاد الناشرين المصريين بإعادة النظر في مواد القانون تأثيثا على أن 50 سنة مدة قصيرة تحرم الورثة من الاستفادة بحقوقهم المادية والأدبية وتجرد الناشر الأصلي للمؤلف الذى نشره أول مرة من حقوقه، لذلك هناك مطالب بجعل المدة على الأقل سبعين عاما، أو مائة عام خاصة وأن بعض الدول الأوروبية رفعته الى سبعين عاما وفى أمريكا كان 50 عاما وتحاشيا لضياع محتوى ديزنى لاند قاموا بتعديل القانون إلى 70 عاما، ووصلوا بالقانون إلى 120 عاما.
قانون حماية الملكية الفكرية، 3 حقوق لمالك العلامة التجارية
يقول سعيد عبده رئيس اتحاد الناشرين المصريين إن المادة 161 من من قانون حقوق الملكية الفكرية لعام 2002 تنص على حماية الحقوق المالية للمؤلف مدة حياته ولمدة خمسين عاما تبدأ من تاريخ وفاة المؤلف، بينما تنص المادة 181 على انتهاك الحقوق لأنها تنص على عقوبة ضعيفة للغاية وهى الحبس مدة لا تقل عن شهر والغرامة لا تقل عن عشرة آلاف جنيه ولا تزيد عن عشرة آلاف، ونحن كاتحاد ناشرين عرضنا تعديل قانون الملكية الفكرية على وزيرة الثقافة والبرلمان عدة مرات خلال السنوات الماضية وقلنا انه ضرورة للحفاظ على ثروة مصر والاستفادة منها، وطبقا للقانون الحالى هناك الكثير من المؤلفين والمبدعين المصريين يصبحون طبقا للقانون ملكا عاما لأى أحد دون قيود ومن حق مصر الاستفادة من تراثها وهذه هى قوة مصر الناعمة.
وعن علاقة الذكاء الصناعى بالملكية الفكرية يقول الدكتور هشام عزمى رئيس الجهاز المصرى لحماية الملكية الفكرية موضحا أن الذكاء الاصطناعي يتداخل بشكل كبير في الصناعات الثقافية والإبداعية، ولكن لا يوجد أي حماية لمنتج الذكاء الاصطناعي، لذا فإن مدى الجهد البشري هو الذي يحدد حاجة العمل إلى الحماية، ومن هنا، لابد من اتخاذ المجتمع الأكاديمي إجراءات حاسمة لمنع سوء استخدام الذكاء الاصطناعي، وأن هذه القضية لا تتطلب وضع حلول تقنية فقط بل التوعية بأخلاقيات التعامل مع الذكاء الاصطناعي في المجال الأكاديمي.
وشدد في الختام على أهمية وجود قواعد بيانات عربية على الإنترنت، نظرًا لأن البيانات التي يعتمد عليها الذكاء الاصطناعي هي بيانات خارجية لقلة المحتوى العربي مما قد يؤثر في مدى موضوعية وحيادية بعض البيانات. وتحدث عزمي عن الذكاء الاصطناعي وحقوق الملكية الفكرية، موضحًا أن الذكاء الاصطناعي يتداخل بشكل كبير في الصناعات الثقافية والإبداعية، ولكن لا يوجد أي حماية لمنتج الذكاء الاصطناعي، لذا فإن مدى الجهد البشري هو الذي يحدد حاجة العمل إلى الحماية.