
في خطوة تعكس إيمانها بدور التكنولوجيا المالية في تطوير القطاع المالي غير المصرفي، تواصل الهيئة العامة للرقابة المالية جهودها لدفع شركات السمسرة نحو تبني أدوات التكنولوجيا الحديثة، في إطار خطة شاملة لتعزيز الكفاءة التشغيلية وتقليل الأخطاء البشرية، وفتح آفاق أوسع لنمو السوق المالي.
توجهات تنظيمية واضحة
بحسب تصريحات مسؤولين في الهيئة، فإن المرحلة القادمة ستشهد تشريعات وإجراءات تنظيمية تلزم شركات السمسرة بتطوير بنيتها التكنولوجية، مع التركيز على التحول الرقمي الكامل لأنظمتها، واعتماد حلول الذكاء الاصطناعي وتحليل البيانات الضخمة في عمليات التداول وإدارة المخاطر.
ووفقًا لما كشفه مصدر مطلع، فإن الرقابة المالية تدرس تقديم حوافز للشركات التي تسارع في التحول الرقمي، تتضمن تيسيرات في التراخيص أو إعفاءات جزئية من بعض الرسوم، في محاولة لتسريع عملية التغيير وضمان تكافؤ الفرص بين الشركات الكبيرة والصغيرة.
آراء الخبراء: ضرورة حتمية وليست ترفًا
يرى الخبير المالي د. أحمد الزيني أن الاتجاه لاعتماد التكنولوجيا المالية في السمسرة “أمر لا مفر منه”، في ظل التطور العالمي المتسارع في أدوات التداول وخدمة العملاء، مضيفًا أن “التحول الرقمي أصبح ضرورة لحماية الشركات نفسها من المخاطر التشغيلية، وتعزيز الشفافية والكفاءة”.
ويؤكد الزيني أن استخدام الأنظمة الذكية في التداول يقلل بشكل كبير من احتمالات الأخطاء البشرية، ويزيد من سرعة تنفيذ العمليات، مما يؤدي إلى تحسين تجربة العملاء وتعزيز ثقتهم في السوق المحلي.
فوائد متعددة للتحول التكنولوجي
من جانبه، يوضح محمد عبد الله، رئيس إحدى شركات السمسرة، أن التكنولوجيا المالية يمكن أن تسهم في تقليل التكاليف التشغيلية، من خلال تقليص الاعتماد على العنصر البشري في المهام الروتينية، وإعادة توجيه الكوادر البشرية للمهام التحليلية والتخطيطية.
كما أشار إلى أن أنظمة الذكاء الاصطناعي قادرة على التنبؤ بالاتجاهات السوقية، مما يمنح الشركات قدرة تنافسية عالية في تقديم خدمات استشارية متميزة للعملاء.
تحديات التنفيذ
ورغم التفاؤل العام، لا تخلو الطريق من بعض التحديات، أبرزها الحاجة إلى تأهيل الكوادر البشرية القادرة على التعامل مع الأنظمة الجديدة، وكذلك تكلفة الاستثمار المبدئي في البنية التحتية الرقمية، والتي قد تمثل عبئًا على بعض الشركات الصغيرة.
إلا أن الخبراء يرون أن تلك التحديات يمكن تجاوزها من خلال الدعم المؤسسي وبرامج التدريب والتمويل الميسر، مؤكدين أن العوائد المستقبلية للتحول الرقمي تفوق بكثير التكاليف المبدئية.
تبني التكنولوجيا المالية في قطاع السمسرة لم يعد خيارًا مؤجلًا، بل هو مسار إجباري لرفع كفاءة السوق وتعزيز قدرته على المنافسة إقليميًا ودوليًا. ومع جهود الرقابة المالية الحثيثة وتجاوب الشركات، يبدو المشهد مهيأً لتحول رقمي شامل يعيد رسم ملامح سوق المال المصري في السنوات القادمة.