عاجلمقالات

حسين محمود يكتب: جريمة جديدة في ثوب إلكتروني

في عصرٍ أصبحت فيه المواقع الإلكترونية بمثابة الوجه الرسمي للمؤسسات والشركات والأفراد، بات الاعتداء على تصميم هذه المواقع ليس مجرد مخالفة، بل جريمة يعاقب عليها القانون بعقوبات صارمة تصل إلى الحبس والغرامة، وفقًا لما نظمه قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات، المعروف إعلاميًا بـ”قانون جرائم الإنترنت”.

 

جريمة جديدة في ثوب إلكتروني

لم يعد الاعتداء على تصميم موقع إلكتروني يُعدّ مجرد فعل عابر أو “شطارة مبرمج”، بل صار ضمن قائمة الجرائم الإلكترونية التي تمس أمن المعلومات وحقوق الملكية الفكرية وتهدد استقرار البيئات الرقمية. فالسطو على تصميم موقع، أو نسخه، أو سرقته، أو تعديله دون إذن، يعادل قانونًا الاعتداء على ممتلكات الغير.

 

نص القانون واضح وصارم

ينص قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات رقم 175 لسنة 2018، في مادته الـ24، على أن:

“يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة، وبغرامة لا تقل عن خمسين ألف جنيه ولا تجاوز مائة ألف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من اعتدى على أي موقع إلكتروني بتعديل تصميمه أو إلغائه أو اختراقه أو تحريف محتواه دون تصريح أو تفويض صريح من مالكه.”

وبذلك يصبح التلاعب بتصميم الموقع الإلكتروني، سواء بقصد التخريب أو التقليد أو التزوير أو السطو، جريمة مكتملة الأركان، لا تقل خطورة عن سرقة الهوية أو التعدي على الملكية المادية.

 

النية لا تبرر الفعل

قد يظن البعض أن إعادة تصميم موقع ما “لتحسينه” أو نسخه “للاستفادة” من فكرته لا تدخل تحت طائلة القانون، لكن الحقيقة أن القانون لا يعتد بالنية إذا ثبت التعدي. فما دامت هناك سرقة للتصميم أو تعدٍّ دون إذن، يتحقق الركن المادي للجريمة، ويبدأ تحرك النيابة العامة بناءً على بلاغ رسمي أو تحقيق من الجهات المختصة.

 

قضايا واقعية.. والسجن حاضر

شهدت محاكم مصر خلال الأعوام الأخيرة عددًا من القضايا المماثلة، أبرزها تلك التي اتُّهم فيها أحد المبرمجين باختراق موقع شركة ناشئة ونسخ تصميمه وطرحه لعميل آخر مقابل مبلغ مالي. انتهت القضية بحكم بالسجن لمدة عام مع تغريمه 100 ألف جنيه، في رسالة واضحة بأن القانون لا يتهاون مع هذا النوع من الجرائم.

 

رسالة للمصممين والمطورين

يؤكد خبراء القانون والتقنية أن حماية الحقوق الرقمية تبدأ بالوعي. فقبل أي تعامل مع تصميم موقع، يجب التأكد من الحقوق المملوكة ومن وجود إذن صريح مكتوب من مالك التصميم. كما يُنصح أصحاب المواقع بتوثيق تصميماتهم وإثبات ملكيتهم قانونيًا لحمايتها من أي اعتداء أو نسخ غير مشروع.

 

الخلاصة: التصميم ليس مباحًا

الاعتداء على تصميم موقع إلكتروني جريمة حقيقية، وليست “تفاهة رقمية”. القانون المصري حسم الجدل، وأعلنها صراحة: لا تسامح مع من يعبث بالملكية الرقمية، سواء كان مصممًا أو مبرمجًا أو حتى مستخدمًا عاديًا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى