من التراث الروحي إلى التهديد الوجودي: هل أصبح حي المعادي رهينة الهو المنفلت؟
شكاوى بريد الأهرام نيوز

في مشهد مهيب، تتعالى ترانيم قدّاس الصباح في كنيسة العذراء، وتصدح أجراسها في فجر يوم جديد. على بُعد أمتار قليلة، نفس اللحظة، لا تزال آثار ليلة مخدّرة تخنق الشارع: فتيات ممددات على الأرصفة، وشباب يهذون بكلمات غير مفهومة، وعبوات كحول فارغة متناثرة، ورائحة نفّاذة لا تخطئها الأنوف… رائحة الحشيش والبانجو والشيشة.
هنا، لا نتحدث عن سهرة صاخبة فقط، بل عن حفلات تعاطٍ شبه علنية تُقام على بعد خطوات من بيت عبادة.
الصور من كاميرات الكنيسة موجودة، والشهادات تتكرر، لكن لا أحد يتحرك.
سكان الشارع يرددون في حسرة:
“هنا نصلي، وهناك يسكرون ويتعاطون… في نفس الشارع، في نفس اللحظة!”
بحسب شهادات من داخل المكان وبلاغات رسمية:
يُقدَّم الكحول بحرية مطلقة دون رقابة أو حصر للفئات العمرية.
الشيشة تُوزَّع بكثافة داخل قاعات مغلقة، تفتقر إلى التهوية أو أدوات الأمان.
شماريخ يتم إشعالها يدويًا وسط الحشود، دون وجود فريق دفاع مدني.
الحبوب المخدرة تُباع داخل الحمامات أو عبر “موزّعين” يتواجدون في محيط المكان، بحسب ما وثّقه سكان ومرتادون سابقون.
البلاط والحشيش يتداولان داخل شوتس
الباعة المتجولون بجوار الكنيسة يبيعون “سجائر إلكترونية معبّأة بمواد مخدرة” و”حبوب مخدّرة مغلّفة”، في مشهد لا يقل خطورة عن الداخل.
أحد الشباب السابقين الذين عملوا في “شوتس” – رفض ذكر اسمه – قال لنا:
“كل ليلة في ناس بتقع من التخدير، بنات وشباب. الحبوب بتتوزع كأنها شيبسي،
“شوتس” في قلب حي ديني… صدفة أم تحدٍّ؟
وجود هذا النوع من النشاط على بُعد أمتار من كنيسة العذراء، وأقل من ١٠٠ متر من مسجد كبير يرفع الأذان خمس مرات يوميًا، لم يعد يُفسَّر بأنه “صدفة تجارية”.
بل بات يشبه تحديًا علنيًا لكل ما تمثّله القيم الدينية، والروحية، وحتى الدستورية.
المادة 64 من دستور مصر تنص على:
“تكفل الدولة حرية ممارسة الشعائر الدينية، وتحمي دور العبادة وما حولها.”
لكن السؤال المرير:
هل حماية محيط الكنيسة تعني السماح بإقامة “ملهى مخدرات” بجوارها؟!
الواقع المرصود من السكان:
- 1. “بنتي سألتني: ماما هي دي ميتة؟”
خادمة بالكنيسة تقول إن طفلتها رأت فتاة شبه عارية، نائمة على الرصيف أمام الكنيسة الساعة ٦ صباحًا.
- 2. “بنشوف أولاد بيعيطوا ويقولوا… مش لاقيين صحابهم”
أحد الجيران يوثّق وقائع بحث شباب عن أصدقائهم بعد “تعاطٍ ثقيل” داخل المكان.
- 3. “الشماريخ وولاعات الغاز والمخدرات… إزاي دي رخصة سياحية؟!”
تعليق من أحد مسؤولي الأمن السابقين، يشكّك في سلامة الترخيص الصادر من وزارة السياحة.
الأسئلة التي لم تُجب عليها أي جهة رسمية:
هل رخصت وزارة السياحة استخدام الشماريخ والمواد القابلة للاشتعال داخل قاعة مغلقة؟
هل أصدرت إدارة الدفاع المدني تقارير تُجيز هذا النوع من النشاط؟
هل تم التفتيش الوقائي على المكان مؤخرًا؟
كيف فُتح المكان بعد أن تم ضبط مواد مخدرة داخله؟ وبأمر مَن؟
هل هناك غطاء سياسي أو أمني يوفّر الحماية للمكان؟
مطالب عاجلة باسم كل بيت في المعادي:
- 1. إغلاق فوري ودائم للمكان.
- 2. فتح تحقيق جنائي مع من أصدر أو جدّد الترخيص.
- 3. نشر تقارير السلامة والتفتيش إن وُجدت.
- 4. تأمين محيط دور العبادة بالكامل.
- 5. حملة أمنية لفحص كل أماكن اللهو الليلي في محيط الكنائس والمساجد.
خاتمة: “شوتس” ليس مجرد ملهى، بل صار رمزًا لعصر انقلبت فيه المعايير:
حيث تُعطى الأولوية للربح على حساب السلامة، وتُفرض ثقافة الانحلال في وجه بيوت الإيمان.
الساكت عن الحق شيطان أخرس.. فهل تملك الدولة الجرأة لتكسر هذا الصمت، وتحاسب من باعوا الحي، وسكنه، وكرامته.