
جدري القرود، الفيروس الذي ظهر لأول مرة في الإنسان في عام 1970، عاد إلى دائرة الضوء مجددًا بعد أن سجلت باكستان أول إصابة مؤكدة لهذا العام في رجل عاد مؤخرًا من الشرق الأوسط.
هذا التقرير يستعرض تاريخ ظهور جدري القرود، التطورات الأخيرة على الساحة الدولية، بما في ذلك الوضع الراهن في باكستان، والتحقيقات الجارية بشأن السلالات الفيروسية الجديدة المحتملة.
أصل جدري القرود وتاريخه:
جدري القرود هو مرض فيروسي نادر ينتقل من الحيوانات إلى الإنسان، وتم التعرف عليه لأول مرة في البشر في جمهورية الكونغو الديمقراطية عام 1970، ينتمي الفيروس إلى نفس عائلة الفيروسات المسببة لمرض الجدري التقليدي، لكنه أقل حدة وانتشارًا، رغم أن المرض كان محصورًا في مناطق محددة من إفريقيا لفترة طويلة، إلا أن انتشاره خارج تلك المناطق في السنوات الأخيرة بات يثير القلق على مستوى عالمي.
انتقال الفيروس وأعراضه:
ينتقل جدري القرود إلى الإنسان عبر الاحتكاك المباشر مع الحيوانات المصابة، مثل القرود والقوارض، أو من خلال تناول لحوم الحيوانات البرية الملوثة، كما يمكن انتقاله من شخص لآخر عبر الاتصال المباشر بالسوائل الجسدية، الجروح الجلدية، أو الرذاذ التنفسي، تشمل أعراض الإصابة الحمى، الصداع، آلام العضلات، والإرهاق الشديد، يليها ظهور طفح جلدي يبدأ غالبًا على الوجه قبل أن ينتشر إلى أجزاء أخرى من الجسم.
تفشي الفيروس عالميًا:
على الرغم من أن جدري القرود كان يعتبر مرضًا نادرًا في الماضي، إلا أن السنوات الأخيرة شهدت ظهور حالات عديدة خارج إفريقيا،في عام 2022، تم الإبلاغ عن تفشي غير مسبوق في العديد من الدول الأوروبية وأمريكا الشمالية، ما دفع منظمة الصحة العالمية لإعلان حالة طوارئ صحية عامة ذات اهتمام دولي،هذا التفشي أثار قلقًا عالميًا، خاصة مع ظهور حالات في مناطق جديدة واستمرار تسجيل وفيات في إفريقيا.
أول إصابة بجدري القرود في باكستان لعام 2024:
أعلنت وزارة الصحة الباكستانية عن تسجيل أول حالة إصابة بجدري القرود في البلاد لعام 2024، لرجل عاد مؤخرًا من الشرق الأوسط،هذه الحالة أثارت اهتمامًا كبيرًا بين الأوساط الصحية في البلاد، حيث تم اتخاذ تدابير احترازية صارمة في جميع المنافذ الحدودية والمطارات لضمان عدم انتشار الفيروس داخل باكستان.
مصدر الإصابة وتدابير الوقاية:
أكدت وزارة الصحة أن المريض المصاب من منطقة مردان في إقليم خيبر بختونخوا، وتعمل السلطات حاليًا على تحديد ما إذا كانت السلالة المكتشفة جديدة أم لا، في هذا السياق، فرضت الوزارة إجراءات صحية مشددة على الحدود والمطارات لمراقبة المسافرين العائدين من الخارج، وذلك للحد من انتشار الفيروس ومنع تفشيه في البلاد.
الوضع الصحي للمصاب :
أفاد المسؤولون بأن حالة المريض مستقرة ويعاني من أعراض خفيفة. إلا أن السلطات الصحية لا تزال في حالة تأهب قصوى، حيث يتم مراقبة المريض بشكل دقيق للتأكد من عدم تطور الأعراض أو انتقال العدوى للآخرين، تجري الحكومة تحقيقات مكثفة لتحديد خصائص الفيروس وما إذا كانت السلالة المكتشفة تشكل خطرًا أكبر من السلالات المعروفة سابقًا.
السياق العالمي جدري القرود في 2024:
على الصعيد الدولي، يستمر جدري القرود في الانتشار في بعض المناطق، خاصة في إفريقيا والشرق الأوسط، سجلت الإمارات العربية المتحدة 16 حالة مؤكدة منذ عام 2022، بينما تجاوز عدد الحالات في إفريقيا 14 ألف حالة إصابة و524 حالة وفاة هذا العام، وفقًا لمنظمة الصحة العالمية. تستمر جمهورية الكونغو الديمقراطية في تحمل العبء الأكبر من الوفيات، حيث سُجلت أكثر من 96% من الحالات هناك.
الجهود الدولية لمكافحة الفيروس:
تعمل المنظمات الصحية الدولية بالتعاون مع الحكومات المحلية على مكافحة انتشار الفيروس من خلال تعزيز إجراءات الوقاية، وتقديم الدعم الطبي للمناطق المتأثرة، ونشر الوعي حول سبل الوقاية من العدوى، ومع تزايد حالات الإصابة، تظل مكافحة جدري القرود تحديًا صحيًا عالميًا يتطلب تنسيقًا دوليًا واستجابة سريعة لاحتواء التفشي ومنع انتشار الفيروس إلى مناطق جديدة.
في ظل ظهور حالات جديدة من جدري القرود، مثل تلك التي تم تسجيلها في باكستان عام 2024، يتزايد الاهتمام العالمي بهذا الفيروس وتبعاته الصحية، وبينما تستمر التحقيقات لتحديد طبيعة السلالة المكتشفة حديثًا، تظل الوقاية والمراقبة الصحية المفتاحين الرئيسيين للحد من انتشار هذا المرض،مع تعزيز التعاون الدولي وتبادل المعلومات، يمكننا الحد من تأثير جدري القرود وضمان الاستعداد لأي تفسيرات مستقبلية.