عاجلمقالات

محمد فهمي يكتب: مفاتيح خطة أوروبا لمواصلة الدفاع عن أوكرانيا فى الحرب مع روسيا

اتخذت أوروبا، خطوة نحو تعزيز تحالفها في الدفاع عن أوكرانيا فى حربها مع روسيا وبهدف الاعتماد بشكل أقل على الولايات المتحدة فى المسائل الأمنية، اجتمع زعماء من القارة فى لندن لمعالجة الوضع المعقد الذى تواجهه أوكرانيا فى ظل المفاوضات بين الولايات المتحدة وروسيا لإنهاء الحرب التى بدأت قبل ثلاث سنوات فى ذلك البلد.

 

واتفق الزعماء الأوروبيون على ضرورة إنفاق المزيد على الدفاع للتأكيد لرئيس الولايات المتحدة الأمريكية، دونالد ترامب أن القارة قادرة على حماية نفسها، وبسبب المشكلات المالية التى تواجه عددا كبيرا من الدول، اقترحت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين أن يخفف الاتحاد الأوروبى قواعده بشأن الديون، وفقا لصحيفة 20 مينوتوس الإسبانية.

 

وقالت أورسولا فون دير لاين فى محادثات أزمة أوكرانيا فى لندن، أن هناك حاجة لوضع أوكرانيا فى موقع قوة. كما طالبت بإعادة تسليح أوروبا بشكل عاجل وتعزيز قدراتها الدفاعية.

 

وتقود المملكة المتحدة وفرنسا إنشاء “تحالف الراغبين”، وهى مجموعة من الدول المستعدة لمساعدة أوكرانيا من خلال إرسال قوة عسكرية متعددة الجنسيات من شأنها ضمان أمن البلاد بعد وقف إطلاق النار المحتمل مع روسيا.

 

وتسعى المبادرة التى أعلن عنها رئيس الوزراء البريطانى كير ستارمر إلى تعزيز الرد الأوروبى على المفاوضات التى تجريها إدارة دونالد ترامب مع فلاديمير بوتين. وتنص الخطة على نشر ما يصل إلى 30 ألف جندى أوروبى وكندى لحماية البنية التحتية الرئيسية، وتدريب الجيش الأوكرانى ودوريات البحر الأسود، من الممكن استخدام طائرات F-35 وEurofighter Typhoon لهذا الغرض. ويهدف التحالف إلى ردع أى محاولة روسية لاستئناف الأعمال العدائية من خلال تعزيز القدرات الدفاعية لأوكرانيا.

 

وأشارت صحيفة لابانجورديا الإسبانية فى تقرير لها، إلى أن هناك عدة دول من بينها كندا والدنمارك والسويد، عن استعدادها للانضمام إلى التحالف، فى حين لا تزال ألمانيا وإيطاليا وإسبانيا تعارض الانضمام، ولكن الولايات المتحدة، رغم أهميتها فى الأمور اللوجستية والاستخباراتية، لم تضمن دعمها بعد، وهو ما قد يعرض نشر القوة للخطر.

 

لكن ترامب كان مترددا فى الالتزام بمثل هذا النشر، بحجة أن الدعم العسكرى الإضافى ليس ضروريا إذا تم التوصل إلى اتفاق سلام مع بوتين، وأثار هذا الموقف مخاوف بين الزعماء الأوروبيين الذين يسعون للحصول على تأكيدات بأن الولايات المتحدة سترد بقوة مميتة إذا تعرضت القوات الأوروبية لهجوم.

 

ويواجه التحالف تحديات داخلية، ألمانيا، التى تتحلى تقليديا بالحذر فى علاقاتها مع روسيا، كانت مترددة فى دعم نشر قوات فى أوكرانيا. ووصف المستشار المنتهية ولايته أولاف شولتس المحادثات بشأن الخطة بأنها “سابقة لأوانها تماما” و”غير مناسبة على الإطلاق”.

كما رفضت بولندا، إحدى أكبر الدول الأوروبية إنفاقا عسكريا، المشاركة المباشرة فى المهمة، بحجة أن قواتها يجب أن تبقى على الجناح الشرقى لحلف شمال الأطلسى لردع أى هجوم روسى محتمل. وأعربت دول أخرى، بما فى ذلك إيطاليا وإسبانيا والبرتغال، أيضا عن تشككها أو معارضتها العلنية للخطة.

 

فى الوقت نفسه، رفضت المجر وسلوفاكيا، الحليفتان المقربتان للكرملين، إرسال قوات، مشيرتين إلى خوفهما من استفزاز روسيا، أن هذا الانقسام داخل أوروبا يجعل من الصعب تشكيل ائتلاف قوى وموحد.

 

وتظل أوكرانيا تعتمد بشكل كبير على الدعم العسكرى الغربى، وبحسب التقديرات فإن 55% من الأسلحة والمواد التى تستخدمها أوكرانيا تأتى من إنتاجها الخاص، فى حين أن 25% تأتى من أوروبا و20% فقط من الولايات المتحدة، وأن خفض هذا الدعم، كما ألمح ترامب، قد يكون له عواقب مدمرة على قدرة أوكرانيا على الدفاع عن نفسها.

 

وبعد قمة لندن، قال رئيس حلف شمال الأطلسى مارك روته أن “المزيد من الدول الأوروبية ستزيد إنفاقها الدفاعي”، لكنه لم يدخل فى التفاصيل. كما وصف الزيادة فى الإنفاق الدفاعى بأنها “أخبار جيدة للغاية” وأكد على الحاجة إلى “”توازن أكثر عدالة” مع الولايات المتحدة.

 

وفى السياق نفسه، أصدرت رئيسة الوزراء الدنماركية ميتى فريدريكسن تحذيرا واضحا وقويا: يجب على أوروبا إعادة تسليح نفسها.

 

وأكدت فريدريكسن أنه بالإضافة إلى الدعم السياسى والاقتصادى، من الضرورى زيادة الدعم العسكرى “هنا والآن” لضمان قدرة أوكرانيا على الصمود فى الصراع. وكشف الزعيم الدنماركى أن المحادثات جارية بالفعل بشأن الضمانات الأمنية التى يمكن تقديمها فى الأسابيع المقبلة، وشدد على ضرورة تحديد إطار متين للحفاظ على التوازن الاستراتيجى فى المنطقة.

 

ووفقا لصحيفة لاراثون الإسبانية إلى أن رسالة فريدريكسن تأتى فى سياق من عدم اليقين الجيوسياسى المتزايد، حيث كشفت الحرب فى أوكرانيا عن مدى ضعف أوروبا فى مواجهة التهديدات الخارجية وأثارت تساؤلات حول قدرتها على الاستجابة لأزمة طويلة الأمد، ونظرا لهذا الوضع، فإن الحاجة الملحة إلى تعزيز الأمن القارى أصبحت ذات أهمية حاسمة.

 

وأصبح النقاش حول إعادة تسليح أوروبا بدأ بالفعل، ويمكن أن يشكل نقطة تحول فى سياسة الدفاع فى القارة، حتى الآن، اعتمدت العديد من الدول على حلف شمال الأطلسى والوجود العسكرى الأمريكى للحماية. ومع ذلك، يقترح رئيس الوزراء الدنماركى رؤية تتولى فيها أوروبا دورا أكثر استباقية فى أمنها، من خلال إنشاء صناعة دفاعية قوية وقدرة عسكرية رادعة لمنع أى عدوان فى المستقبل.

 

زيادة النفقات العسكرية

 

ولكن هذا يعنى المضى قدما فى قضية رفع أو زيادة النفقات العسكرية والميزانيات الدفاعية، حيث اقترح الرئيس ماكرون رفع هذه الميزانيات من 2.5 إلى ثلاثة أو 3.5% من الدخل الوطنى، هذا ما جعله مجال مفاوضات حثيثة ونقاش طويل لأنه يعود بالضرورة إلى الآراء فى الشارع الاوروبى أن كان سيوافق على رفع هذه الميزانيات. وهذا أمر سيتم بحثه فى بروكسل يوم الخميس المقبل بين القادة الأوروبيين.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى