
رغم أن جريمة الزنا تعد من الجرائم المخلة بالشرف وفقًا لقانون العقوبات المصري، إلا أن تحريك الدعوى الجنائية بشأنها لا يتم تلقائيًا من جانب النيابة العامة، بل يشترط فيه تقديم بلاغ رسمي من الطرف المتضرر، سواء كان الزوج أو الزوجة.
حق المجني عليه في جريمة الزنا
وتنص المادة الثالثة من قانون الإجراءات الجنائية على أنه لا تقبل الدعوى في هذه الجرائم إلا بناءً على شكوى من المجني عليه، على أن تقدم خلال ثلاثة أشهر من تاريخ علمه بالجريمة. كما يجوز التنازل عنها في أي وقت، حتى بعد صدور الحكم، مما يؤدي إلى سقوط العقوبة.
وفي قضايا الزنا تحديدًا، فرق القانون بين وضع الزوج والزوجة في شروط قبول الشكوى. حيث يمكن للزوج تقديم بلاغ ضد زوجته في أي مكان وقعت فيه الجريمة، بينما لا تقبل شكوى الزوجة ضد زوجها إلا إذا وقع الفعل داخل منزل الزوجية، وهو ما يجعل تحريك الدعوى خاضعًا لإرادة شخصية، وليس لسلطة الدولة، على عكس الجرائم الأخرى التي تبدأ فيها الإجراءات بمجرد توفر الأدلة.
ويلزم القانون أن تكون الشكوى مقدمة من الطرف المتضرر شخصيًا، ولا تقبل من الغير، كما ترفض إذا ثبت وجود رضاء صريح أو ضمني بالفعل بعد وقوعه، أو إذا تأخر الطرف المشتكي في الإبلاغ بعد علمه بالواقعة.
وهذه الضوابط تعكس توجه المشرّع المصري إلى اعتبار الزنا جريمة ذات طبيعة خاصة، تختلف عن باقي الجرائم الجنائية، لما لها من امتدادات أسرية واجتماعية تتطلب مساحة من الخصوصية في التعامل.
ضوابط حماية الأسرة في القانون
وبينما يرى البعض أن هذا التنظيم يوازن بين حماية الأسرة واحترام إرادة الطرف المتضرر، يعتبره آخرون مدخلًا لتعطيل العدالة في بعض الحالات التي قد تتأثر فيها قرارات الشكوى أو التنازل بعوامل اجتماعية أو ضغوط شخصية.
وفي النهاية تبقى قضايا الزنا واحدة من الملفات القانونية الصعبة التي لا تنفصل عن طبيعة المجتمع المصري والعربي وسياقه الثقافي والاجتماعي والأخلاقي، وهو ما يجعل النقاش حولها ممتدًا ومعقدًا، لا في القانون وحده، بل في الواقع أيضًا.