
توصل باحثون اكتشاف علمي مذهل يعيد تشكيل فهمنا للعمليات الجيولوجية العميقة، ووجود كتل صخرية عملاقة تقع في “العالم السفلي” للأرض، على عمق آلاف الكيلومترات تحت السطح. هذه الكتل، التي تبلغ أحجامها حجم القارات، يعتقد العلماء أنها لعبت دورًا حاسمًا في تغذية أعمدة ساخنة من الوشاح الأرضي، تسببت في سلسلة من الانفجارات البركانية الكارثية على مر العصور.
وتشير الدراسة إلى أن هذه الظاهرة الجيولوجية قد تكون ساهمت، إلى جانب اصطدام الكويكب الشهير، في انقراض الديناصورات قبل 66 مليون سنة. هذا الكشف الجديد يسلط الضوء على أعماق الأرض كمصدر غير متوقع للتغيرات الكبرى التي شكلت تاريخ الحياة على كوكبنا ، كما جاء بصحفية ( ذا صن ) .
خريطة “العالم السفلي” للأرض تكشف عن كتل عميقة قد تكون وراء الانفجارات البركانية التي قضت على الديناصورات ، وكشفت دراسة جديدة عن أن وجود “كتل” عملاقة في باطن الأرض،وتُعرف اختصارًا بـ BLOBS (وهي اختصار لعبارة Big Lower-mantle Basal Structures)،قد لعبت دورًا أساسيًا في تأجيج الانفجارات البركانية الهائلة التي ساهمت في انقراض الديناصورات قبل نحو 66 مليون سنة.
وتقع هذه الكتل الصخرية الضخمة على عمق آلاف الكيلومترات تحت سطح الأرض، تحت نصفي الكرة الأفريقي والباسيفيكي، وحجمها يقارب حجم القارات.
وبحسب الباحثين من جامعة وولونغونغ (الذين ضموا عالمة البراكين أناليس كوشيارو وعالم الجيولوجيا نيكولاس فلامون)، فإن هذه الـ BLOBS تتحرك مثل الصفائح التكتونية، مما يؤدي إلى نشوء أعمدة ساخنة من الوشاح (mantle plumes) ترتفع نحو السطح وتتسبب في انفجارات بركانية هائلة ،وباستخدام ثلاث مجموعات بيانات جغرافية لأحداث بركانية ضخمة حدثت قبل حوالي 300 مليون سنة، بيّن الفريق أن هذه الأعمدة الساخنة تنبع من هذه الكتل. وقالت كوشيارو: “إن الأعمدة البركانية تعمل كـ ‘طرق سريعة للماجما’ نحو السطح، وتنتقل مع مصدرها، أي هذه الكتل”.
وأضاف فلامون: “إن معرفة ما إذا كانت هذه الكتل ثابتة أو متحركة يساعدنا في فهم تاريخ النشاط البركاني” .
هذا الاكتشاف يعيد رسم فهمنا لديناميكية أعماق الأرض، ويضع الضوء على احتمال أن تكون هذه الكتل الحارّة المحفّزة لأكبر ثورات بركانية في تاريخ الأرض، بما في ذلك تلك التي ساهمت في القضاء على الديناصورات، والأبحاث الحديثة (مثل تلك المنشورة في Communications Earth & Environment) تؤكد أن أكثر من 80–90% من الانفجارات البركانية الضخمة خلال 250 مليون سنة ارتبطت مباشرة بمناطق حدود هذه الكتل بالقرب من السطح، على سبيل المثال في هاواي وآيسلندا.
في المقابل، لا يزال العلماء منقسمين حول الدور الدقيق لهذه الكتل:
هل هي ثابتة منذ نشأة الأرض؟
أم أنها تتحرك ببطء مع حركة الوشاح؟ الدراسات الأخيرة تميل إلى أن هذه الكتل متحركة، وتصدر أعمدة ساخنة ترتبط بحدوث الانفجارات الكبرى.
ما علاقتها بانقراض الديناصورات؟
يُعتقد أن انفجارات العصر الطباشيري الثلاثي “Deccan Traps” قبل حوالي 66 مليون سنة أفرزت كميات هائلة من لافا وغازات مثل ثاني أكسيد الكبريت، مما ساهم في تغير المناخ والاضطرابات البيئية، ومع ذلك، تبين أن تأثير هذه الانفجارات كان ثانويًا مقارنةً بضربة كويكب تشيكشلوب العملاقة، التي أحدثت “شتاءً تأثيريًا” بفعل الرماد المحجوب الضوئي وحده والتي لا يزال يُعتبر السبب الرئيسي في انقراض 75% من أشكال الحياة، حسب الإجماع العلمي الحالي، لكن بعض الأبحاث تقترح أن النشاط البركاني قبل وبعد الاصطدام، مدعومًا بهذه الكتل، شكّل ضربة مزدوجة أثّرت سلبًا على النظام البيئي، لكن الغالبية تدير التركيز نحو الاصطدام كالمسبب الرئيسي، واكتُشف أن هناك كتلًا ساخنة ضخمة على عمق 2000–3000 كم داخل الأرض، ترتبط مباشرة بأعمدة الوشاح وتؤدي لأعنف الانفجارات البركانية، وهذه الانفجارات قد تكون ساهمت في انقراض الديناصورات، لكن الاصطدام بالكويكب يظل العامل الحاسم ،والأبحاث الحديثة توضح ديناميكية هذه الكتل ثابتة أو متحركة ومدى تأثيرها على النشاط البركاني عبر العصور.