عاجل

قصة حب دامت 74 عاما وانتهت برحيل مشترك لزوجين في البرازيل

كتبت-شروق خالد

في زمن تتسارع فيه قصص الانفصال والخذلان، تأتي بعض الحكايات لتذكرنا بأن الوفاء والحب يمكن أن يستمر مدى الحياة، بل حتى إلى ما بعد الموت، من قلب البرازيل، خرجت قصة زوجين عاشا سويا أكثر من سبعة عقود، متحدين الزمن والمرض، ليفارقا الحياة في اليوم نفسه، وكأن رحيل أحدهما دون الآخر لم يكن خيارا ممكن

قصة الزوجين “أوديليتا بانزاني دي هارو” و”باتشوال دي هارو” ليست مجرد حكاية رومانسية، بل هي تجسيد حقيقي لرباط إنساني نادر، أثبت أن الحب الصادق لا تفتته السنوات، ولا يفصله المرض، ولا ينهيه الموت.

تفاصيل القصة:

في مدينة صغيرة بالبرازيل، توفي الزوجان البرازيليان أوديليتا “92 عامًا” وباتشوال “94 عاما” بعد يومين فقط من احتفالهما بالذكرى الرابعة والسبعين لزواجهما، حيث فرقهما الموت بفارق عشر ساعات فقط، وكأنهما أرادا أن يغادرا العالم كما دخلاه: معا.

التقيا أول مرة عندما كان باتشولي في الثامنة عشرة وأودي ليتا في السادسة عشرة من عمرها، ومنذ تلك اللحظة، بدأت علاقة الحب التي أثمرت زواجا في عام 1951، واستمرت 74 عامًا بلا انقطاع، أنجبا خلالها ستة أطفال، وشهدا تحولات الحياة، وأفراحها، وأحزانها، وكل تفاصيلها الكبيرة والصغيرة.

عمل باتش ولا في متجر لبيع الأقمشة، بينما كرست أوديليا حياتها لتربية الأبناء ورعاية الأسرة، ولكن لم تكن هذه حياتهما فقط، فقد ساهما أيضا في المجتمع من خلال تأسيس جمعية خيرية تعنى بالأمهات العازبات والمحتاجين، ليصبحا نموذجًا للعطاء الاجتماعي إلى جانب حياتهما الأسرية.

المرض.. والوفاء في أقسى لحظاته:

في سنواتها الأخيرة، أُصيبت أوديليا بمرض الزهايمر، ففقدت الكثير من ذاكرتها، لكنها لم تفقد رفقة زوجها الذي لم يفارقها لحظة، تولى باتشوال رعايتها الكاملة، رغم تقدمه في السن وتدهور صحته.لكن في عام 2023، تم تشخيص باتشوال بسرطان القولون في مراحله المتقدمة، ورغم إدراكه أن أيامه باتت معدودة، ظل الأمل يراوده ألا يترك زوجته وحيدة، وظل يدعو من قلبه أن تكون لحظة وفاته متزامنة مع لحظة وفاتها.

وبالفعل، استجيبت دعوته، ففي نفس اليوم، وبعد يومين فقط من احتفالهما بالذكرى الرابعة والسبعين لزواجهما، توفيت أوديليا،ولحق بها بات شوال بعد عشر ساعات فقط،لحظة أشبه بمشهد سينمائي، لكنها حقيقية تماما، ومحفورة في ذاكرة من شاهدوها.

ردود فعل العائلة والمجتمع:

عبر أفراد عائلتهما عن حزنهم العميق، لكنهم في الوقت ذاته شعروا بالسكينة لأن “الجد والجدة” لم يفترقا حتى بالموت، وقال أحد الأحفاد في تصريح لموقع “Need To Know”:

“كأنهما خططا لكل شيء معا.. حتى الرحيل، لقد كان جدي دائمًا يقول: لا أريد أن أعيش يوما واحدا دونها”.

أما المجتمع المحلي، فودع الزوجين بأسى ومهابة، وتحولت قصتهما إلى حديث الساعة في وسائل الإعلام البرازيلية، بوصفها نموذجًا نادرا لحياة مبنية على المودة والرحمة والاحترام المتبادل، ليس فقط داخل جدران المنزل، بل خارجه أيضا من خلال مساهماتهما الخيرية.

الحب كقيمة إنسانية تتجاوز الزمان:اللافت في هذه القصة ليس فقط أن الزوجين رحلا في اليوم نفسه، بل أنهما قدما طيلة حياتهما معنى فعليا لما تعنيه الشراكة الزوجية بكل أبعادها: الصبر، العطاء، التضحية، والتراحم

قصة أوديليتا وباتشوال تثبت أن الحب ليس مجرد مشاعر عابرة، بل هو فعل يومي مستمر، يظهر في المواقف الصعبة، في المرض، في الشيخوخة، وفي الرحيل الأخير.

توفي الزوجان بعد 74 عاما من الحب والوفاء، ولكن قصتهما باقية، ستتناقلها الأجيال كحكاية حقيقية تذكر الناس في كل مكان أن الحب، حين يكون نقيا وصادقا، لا يصدأ بمرور الزمن، ولا يهزم أمام المرض، ولا يفنى حتى بالموت.

 

وربما، في عالم تغلب عليه العجلة والمصالح والتقلبات، نحتاج اليوم أكثر من أي وقت مضى إلى أمثال قصة “أوديليتا وباتشوال”، لنومن مجددا أن في الحياة متسعا للحب الحقيقي، الذي يرافق صاحبه حتى آخر نفس.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى