“عسلية سوق الجمعة”.. من العشوائيات إلى الثراء الفاحش عبر التيك توك!
تحقيق: حسين محمود

من قلب سوق الجمعة الشعبي، حيث تتكدّس الأرصفة بالبضائع المتهالكة، وتعلو أصوات الباعة في صخب لا يعرف السكون، خرجت علينا شخصية تُدعى “عسلية”، تيكتوكر مثيرة للجدل، قلبت الموازين بمقاطع فيديو خادشة للحياء، وظهور مريب وسط حياة مفاجئة من الرفاهية، لتطرح علامات استفهام كبرى: من أين لها كل هذا؟ وما هو مصدر أموالها الحقيقي؟ ولماذا لم تتحرك الأجهزة الرقابية حتى الآن؟
من عربة كبدة إلى سيارات فارهة
قبل أعوام قليلة، كانت “عسلية” تعمل بائعة متجولة بجوار محطة مصر، يتحدث عنها أهل المنطقة كفتاة بسيطة تعاني ظروفًا قاسية، تبيع السندوتشات لمساعدة أسرتها، ترتدي ملابس متواضعة، وتعيش في غرفة ضيقة بعقار قديم.
ثم فجأة، وبدون مقدمات، تحوّلت إلى شخصية مشهورة على تطبيق “تيك توك”، تظهر في فيديوهات جريئة، ترقص، تتلفظ بألفاظ خارجة، وتستعرض مجوهرات ومبالغ مالية كبيرة، وسيارات حديثة، وسفريات خارجية، في مشهد لا يمتّ بصلة لماضيها القريب.
تحويلات خارجية.. وعلاقات مريبة
مصادر مطّلعة أكدت أن “عسلية” تتلقى تحويلات مالية منتظمة من خارج مصر، أغلبها عبر منصات إلكترونية غير خاضعة للرقابة الكافية، في الوقت نفسه، رُصد تواصلها المستمر مع شخصيات تعمل في تجارة “المحتوى الإباحي المدفوع” عبر منصات أجنبية، ما يفتح الباب لوجود شبكة منظمة تستخدمها كواجهة شعبية لبث محتوى مخالف.
الغريب أن التحقيقات التي أجريت مؤخرًا لم تسفر عن قرار حاسم بشأنها، رغم صدور بلاغات رسمية من مواطنين يتهمونها بالإفساد العلني، والتربح غير المشروع، والتأثير السلبي على الأطفال والمراهقين.
بلاغات لم تُحرّك ساكنًا.. وأين الرقابة؟
عدد من المحامين والنشطاء تقدّموا بشكاوى عاجلة إلى الجهات المعنية، تطالب بفتح تحقيق موسع في ثروتها المفاجئة، ومصادر دخلها غير المعروفة، إلى جانب تقديمها محتوى منافٍ لقيم المجتمع.
المحامي طارق عبد الحميد يقول:
“نحن أمام حالة فجّة من العبث الأخلاقي والثراء المريب، وإذا كانت الدولة تحارب المحتوى الهابط، فعليها أن تتحرك فورًا تجاه هذه النماذج التي تهدم القيم وتدمر الأجيال.”
خبراء: استغلال المنصات.. وغسيل أموال
يرى خبراء اقتصاديون أن بعض مشاهير التيك توك باتوا يشكّلون غطاءً لغسيل أموال عبر التعاون مع كيانات مشبوهة، تحت ستار الإعلانات، والهدايا الرقمية، والاشتراكات المدفوعة.
ويؤكد د. شريف يونس، خبير في الاقتصاد الرقمي:
“أي تحول مالي مفاجئ غير مبرر لشخص لا يمتلك نشاطًا واضحًا أو مشروعا مُعلناً، يجب أن يخضع للفحص الضريبي والمساءلة الجنائية، وإلا أصبحت السوشيال ميديا وسيلة للإفلات من القانون.”
الرسالة إلى الجهات المعنية: التحرك واجب وطني
ليس من المقبول أن نترك هذه النماذج تنمو في الظلام، تتربّح من الانحلال، وتؤثر في الملايين من صغار السن.
إن التراخي في تطبيق القانون على “عسلية سوق الجمعة” وأمثالها هو تخاذل يُحسب على الأجهزة الرقابية، ويُضعف ثقة المواطن في عدالة الدولة.
المطلوب الآن تحقيق جاد، يشمل مصادر أموالها، والتحويلات المشبوهة، ومحاسبتها على كل محتوى خادش بثّته تحت ستار “الترفيه”، قبل أن يتحوّل التهاون إلى كارثة مجتمعي
العدسة الآن مسلّطة.. فهل يتحرك القانون قبل فوات الأوان؟