
طرق التعامل مع الطفل، الرافض أداء واجباته، يواجه كثير من الآباء والأمهات مشكلة رفض أطفالهم أداء الواجبات المدرسية، وتُعدّ هذه المشكلة من أكثر المشكلات التربوية التي تثير القلق داخل الأسرة.
فالواجبات المدرسية ليست مجرد فروض ينجزها الطفل، بل هي وسيلة لترسيخ المعلومات، وتنمية مهارات التفكير، وتنظيم الوقت، وتحمل المسؤولية.
ومع ذلك، يرفض بعض الأطفال أداءها لأسباب متعددة، مما يدفع الأهل للبحث عن طرق فعالة للتعامل مع هذه الظاهرة دون اللجوء إلى العقاب أو الضغط الزائد.
أوضحت الدكتورة عبلة ابراهيم استاذ التربية ومستشارة العلاقات الأسرية، أن التعامل مع الطفل الرافض أداء واجباته المدرسية يحتاج إلى صبر وهدوء. فلا يمكن أن نجعل الطفل يحب الواجبات بالإجبار، بل عبر الحب والاحترام والتشجيع.
والأهم هو غرس قيم المسؤولية وتنظيم الوقت، وهي مهارات ستفيد الطفل طوال حياته. فكلما كان هناك تفاهم وحوار بين الأهل والطفل، كلما أصبحت هذه المهمة أسهل، وتحول الواجب إلى نشاط يومي طبيعي.
أسباب رفض الطفل أداء الواجبات المدرسية
قبل الحديث عن طرق التعامل مع هذه المشكلة، من المهم معرفة الأسباب التي تجعل الطفل يرفض أداء واجباته، لأن فهم السبب هو أول خطوة في الحل، وهو ما تستعرضه في السطور التالية:
عدم فهم الدروس: أحيانًا لا يؤدي الطفل واجباته لأنه لم يفهم الدرس جيدًا في المدرسة، فيشعر بالعجز.
ضعف الثقة بالنفس: بعض الأطفال لا يثقون بقدرتهم على إنجاز الواجب، فيخافون من الفشل.
الملل والرتابة: إذا كانت الواجبات كثيرة أو مملة، يشعر الطفل بالنفور منها.
رغبة في لفت الانتباه: أحيانًا يرفض الطفل الواجب ليجذب انتباه الأهل.
ضغوط نفسية أو مشكلات في المدرسة: كالتنمر أو الخوف من المعلم.
إدمان الألعاب الإلكترونية أو مشاهدة التلفاز: مما يسرق وقت الطفل وانتباهه.
طرق التعامل مع الطفل الرافض أداء واجباته
أولًا: خلق بيئة مشجعة وهادئة
يجب أن نوفر للطفل مكانًا مناسبًا للجلوس، بعيدًا عن الضوضاء والشاشات. غرفة مرتبة، وإضاءة جيدة، ومكتب مريح. الجو العام له دور كبير في تحفيز الطفل على العمل.
ثانيًا: تنظيم الوقت بشكل واضح
من المهم وضع جدول يومي يتضمن وقتًا محددًا لأداء الواجبات. يفضل أن يتم الاتفاق مع الطفل على هذا الوقت، ليشعر أنه جزء من القرار وليس مفروضًا عليه.
ثالثًا: تشجيع الطفل وتحفيزه
استخدام كلمات التشجيع مثل: “أنت ذكي”، “أنا واثقة أنك تستطيع”، “متحمسة لرؤية إجاباتك”، يساعد الطفل على الشعور بالثقة. ويمكن أيضًا وضع نظام مكافآت بسيط مثل:
نجم أو ملصق لكل واجب يُنجَز.
بعد عدد معين من النجوم يحصل الطفل على مكافأة يحبها (نزهة، لعبة صغيرة، نشاط مفضل).
رابعًا: فهم سبب الرفض ومعالجته
يجب أن نتحاور مع الطفل بهدوء لفهم السبب الحقيقي وراء رفضه. هل هو خوف من الخطأ؟ هل لم يفهم الدرس؟ هل يشعر بالتعب؟ الحوار الهادئ يساعد الطفل على التعبير، ويمنح الأهل فرصة لحل المشكلة من جذورها.
خامسًا: تجزئة الواجبات إلى مهام صغيرة
إذا كان حجم الواجب كبيرًا، يمكن تقسيمه إلى أجزاء صغيرة. فبدلًا من القول: “حلّ كل التمارين الآن”، يمكن القول: “هيا نبدأ بالسؤال الأول، وبعده نأخذ استراحة”.
سادسًا: مشاركة الأهل في البداية
لا مانع من الجلوس مع الطفل في بداية الواجب، وشرح المطلوب، وتشجيعه. ومع الوقت، نقلل المساعدة تدريجيًا ليعتمد على نفسه.
سابعًا: الابتعاد عن الصراخ والتهديد
الصراخ أو التهديد يزيد من كره الطفل للواجب، وربما يجعله يخاف من المحاولة. الأفضل دائمًا استخدام أسلوب الحوار والاتفاق، مع الحزم الهادئ.
ثامنًا: التواصل مع المعلمين
في حال استمرار المشكلة، يمكن التواصل مع معلمي الطفل لمعرفة إذا ما كانت المشكلة من المدرسة (كصعوبة المادة أو طريقة الشرح)، والتعاون لوضع خطة مساعدة.
تاسعًا: تعليم الطفل مهارات تنظيم الوقت
يمكن تدريب الطفل على استخدام جداول زمنية بسيطة أو قوائم مهام، مثل:
جدول المهام اليومية.
قائمة بأسماء الواجبات المطلوبة، وتظليل كل مهمة بعد إنجازها.
عاشرًا: تعليم الطفل الاسترخاء والتخلص من القلق
إذا كان الطفل يعاني من قلق أثناء أداء الواجبات، يمكن تعليمه تمارين بسيطة مثل التنفس العميق أو اللعب قليلًا قبل البدء.
دور الأسرة في تعزيز حب التعلم
بعيدًا عن الواجبات، من المهم أن يرى الطفل أن التعلم متعة وليس عبئًا. يمكن تحقيق ذلك عبر:
قراءة القصص معًا.
مشاهدة أفلام وثائقية مبسطة.
القيام بتجارب علمية بسيطة في البيت.
زيارة المتاحف أو معارض الأطفال.
كلما شعر الطفل أن المعرفة ممتعة، كلما زاد حبه للتعلم، وأصبح أداء الواجب جزءًا طبيعيًا من حياته.
متى نلجأ لطلب المساعدة؟
إذا استمرت المشكلة رغم كل المحاولات، أو إذا لاحظ الأهل أن الطفل يعاني من صعوبات تعلم (مثل تأخر في القراءة أو الكتابة أو الحساب)، يجب استشارة مختص نفسي أو تربوي. لأن بعض الأطفال يحتاجون إلى تدخل متخصص لمساعدتهم