
في الوقت الذي تضرب فيه الدولة بيدٍ من حديد على أوكار الفساد والانحراف، تطلّ علينا من قلب الفوضى الإلكترونية شخصية تُدعى “أم عدي” — امرأة بلا ماضٍ مهني، ولا سجل ضريبي، ولا نشاط تجاري واضح — وتتحوّل بين ليلة وضحاها إلى واحدة من أغنى مشاهير “التيك توك”، تعيش حياة المليونيرات، وتتنقّل بين السيارات الفارهة والمساكن الراقية، وتُغرق نفسها في بحر من المجوهرات والهدايا الإلكترونية التي تُحوَّل إلى أموال طائلة.
فأين كانت الدولة حين تضخمت ثروتها بهذه الصورة؟ ولماذا لم تُفعّل القوانين الرادعة قبل أن تهرب خارج البلاد تحت أعين الجميع؟
ثروة بلا مصدر.. والنتيجة: هروب!
تحقيقات موسّعة — حصلت “الحقيقة نيوز” على تفاصيلها من مصادر أمنية رفيعة — كشفت أن “أم عدي” خضعت لرصد دقيق من قِبَل أجهزة أمنية متخصصة، بعد أن تبيّن وجود تحويلات مالية ضخمة واردة من جهات مجهولة، بعضها من خارج البلاد، مع ملاحظة نمط حياة فارهة لا يتناسب مع خلفيتها الاجتماعية أو مؤهلاتها.
لكن رغم هذه المؤشرات الخطيرة، لم تصدر أي قرارات ضبط وإحضار حتى اللحظة، حتى استيقظنا جميعًا على خبر هروبها إلى خارج البلاد، وكأن شيئًا لم يكن!
هل نواجه فردًا أم شبكةً خفية
السؤال الذي يحرق ألسنة المصريين اليوم: هل “أم عدي” مجرد فرد مارق أم واجهة لمافيا أكبر؟ من أين جاءتها الأموال؟ من يقف خلف تمويلها؟ ومن سمح لها بالخروج من البلاد رغم وجود تحريات أمنية وتحويلات مشبوهة بمبالغ فلكية؟!
أم عدي ليست مجرد قضية “محتوى هابط” كما يُروّج البعض.. بل هي رأس جبل جليد ضخم، قد يُخفي تحته شبكة إجرامية لغسيل الأموال أو تمويل محتوى موجه ومسموم لضرب وعي المجتمع وإفساد ذوق الأجيال.
لقد أثبتت وزارة الداخلية مرارًا قدرتها الفائقة على إسقاط أخطر شبكات النصب والمخدرات والابتزاز الإلكتروني، وكان لها السبق في قضايا ضبط شهيرة لمشاهير سوشيال ميديا، ولكن — وبكل وضوح
لماذا لم يتم التحفظ على أموالها؟ أين البلاغات التي قُدمت ضدها؟ ولماذا تأخرت إجراءات استدعائها رغم وضوح أدلة التضخم غير المشروع؟ هل ننتظر حتى تعود من الخارج لتستكمل نفس اللعبة؟
لا أحد فوق القانون.. فطبّقوا القانون!
الدستور المصري واضح في تجريم تلقي تحويلات مالية من الخارج دون إخطار رسمي، ويُجرم التربح من المنصات دون ترخيص، ويحاسب كل من ينشر محتوى يخالف الذوق العام أو يشجع على الانحراف، فما الذي ينقص في هذه القضية؟!
من هنا نوجه صرخة صريحة إلى وزارة الداخلية:
كفى صمتًا على ما يحدث!
القضية لم تعد تخص “أم عدي” وحدها، بل تخص مئات النماذج المشابهة التي وجدت في هذا الصمت بيئة خصبة للتمادي والثراء الحرام.
المعركة أكبر من تيك توك.. إنها معركة وعي وأمن
إن ترك هذه النماذج دون محاسبة صارمة يهدد الأمن القومي الاجتماعي، ويُحوّل الشباب إلى عبيد للوهم والمظاهر الكاذبة، ويُجهز على منظومة القيم التي تحاول الدولة حمايتها منذ سنوات.
نطالب بتحقيق رسمي في مصادر أموال “أم عدي”، ومن يقف خلفها، ومحاسبة من سهل هروبها، إن وُجد.
فلا يمكن أن نترك بوابة خلفية لغسل الأموال تُفتح من تطبيقات الهاتف، بينما الدولة تُحارب الإرهاب والفساد على كل الجبهات.
أم عدي ليست حالة فردية.. إنها جرس إنذار لمجتمع بأكمله.
والكرة الآن في ملعب وزارة الداخلية.