أخبارعاجل

رحيل الأنبا باخوميوس.. صمام أمان الكنيسة في لحظات الاختبار الكبرى.. اختار طريق الرهبنة مبكرًا.. تتلمذ على يد كبار الرهبان.. وأدار انتخابات البابا الجديد بحكمة وشفافية بعد وفاة شنودة الثالث

كتبت- وفاء السيد

رحل الأنبا باخوميوس عن عمر يناهز 90 عامًا، وترك وراءه إرثًا ممتدًا من الحكمة والإدارة الرشيدة، إذ لم يكن مجرد مطران عادي، بل كان رمزًا للاتزان والعقلانية، ورجلًا اجتمع حوله الجميع عندما احتاجت الكنيسة إلى صوت الحكمة والهدوء بعد وفاة البابا شنودة الثالث وسط ظروف سياسية غير مسبوقة في التاريخ المصري الحديث.

 

باخوميوس، الراهب الذي صار مرجعًا

ولد الأنبا باخوميوس في 9 يوليو 1935 باسم سمير خير سكر، ونشأ في أسرة قبطية تقليدية، حيث التصقت روحه منذ الصغر بأجواء الكنيسة، لكنه لم يكن مجرد شاب متدين، بل امتلك من الصفات ما أهّله ليكون أحد أعمدة الكنيسة لاحقًا.

 

 

 

اختار طريق الرهبنة مبكرًا، وتتلمذ على يد كبار الرهبان، وبرز سريعًا بذكائه وهدوئه، ما جعله محط أنظار البابا شنودة الثالث، الذي قرر تعيينه أسقفًا لإيبارشية البحيرة ومطروح والخمس مدن الغربية عام 1971، لكن المكانة الحقيقية للرجل لم تتحدد فقط بالمنصب، بل بالدور الذي لعبه على مدار العقود التالية، إذ لم يكن مجرد أسقف يدير إيبارشية، بل شخصية محورية في المشهد الكنسي، يجمع بين الحكمة الدبلوماسية والقدرة على الحسم عندما يتطلب الأمر.

 

باخوميوس، رجل التوازنات وحكيم الكنيسة

عندما توفي البابا شنودة الثالث في مارس 2012، وجدت الكنيسة نفسها وسط اضطرابات سياسية غير مسبوقة في مصر، وكان هناك تخوف كبير داخل المجمع المقدس، خاصة مع تباين الرؤى حول مستقبل الكنيسة في ظل المتغيرات السياسية.

 

وفي هذه اللحظة الحساسة، وقع الاختيار على الأنبا باخوميوس ليكون القائم مقام البطريرك، وهي مهمة أشبه بالسير في حقل ألغام، فاتخذ الرجل نهجًا فريدًا في إدارة المرحلة الانتقالية، حيث عمل على تهدئة الأجواء وأدار انتخابات البابا الجديد بشفافية ما ساعد في وصول البابا تواضروس الثاني إلى الكرسي البابوي بسلاسة، وهو ما اعتبره الكثيرون نجاحًا استثنائيًا في وقت شديد التعقيد، لذا عرف الأنبا باخوميوس بتأثيره العميق على الكنيسة القبطية بشكل عام.

 

 

كما اشتهر بكونه أحد أكثر الأساقفة حكمة واتزانًا، بعيدًا عن المبالغات والخطابات العاطفية، حيث كان الرجل يدرك جيدًا حساسية العلاقة بين الكنيسة والدولة، وتعامل مع الأنظمة المتعاقبة بحنكة، وهو ما جعله شخصية تحظى باحترام من الأطراف كافة.

 

بصمات باخوميوس في تطوير العمل الكنسي

خلال سنوات خدمته، عمل باخوميوس على توسيع رقعة الخدمة الكنسية في البحيرة ومطروح والخمس مدن الغربية، حيث أسس العديد من الكنائس، واهتم بالأقباط في المناطق النائية، وخاصة في ليبيا، التي كانت جزءًا من نطاق إشرافه، كما كان الأنبا باخوميوس من الأصوات التي تدعو إلى الانفتاح والحوار، مؤكدًا أن قوة الكنيسة لا تأتي من مواجهتها للآخر، بل من حفاظها على ثوابتها وقدرتها على التفاعل مع محيطها.

 

وبرحيل الأنبا باخوميوس، تفقد الكنيسة القبطية واحدًا من رموز الحكمة القديمة، ذلك الجيل الذي كان يرى الكنيسة مؤسسة ممتدة عبر التاريخ، وتتحرك برؤية طويلة الأمد، لذا يظل الأنبا باخوميوس رمزًا لعصر من القيادة الحكيمة، حيث لم يكن مجرد شيخ مطارنة، بل كان صمام أمان للكنيسة في لحظات الاختبار الكبرى.

 

 

وكانت الكنيسة القبطية الأرثوذكسية كشفت في بيان لها عن ترتيبات صلوات تجنيز مثلث الرحمات نيافة الأنبا باخوميوس، وأكدت أن البابا تواضروس الثاني، والآباء المطارنة والأساقفة، يصلون صلوات تجنيز مثلث الرحمات نيافة الأنبا باخوميوس، مطران البحيرة ومطروح والخمس مدن الغربية، اليوم الأحد، الساعة الثالثة عصرًا في الكاتدرائية المرقسية بالعباسية، على أن تتحرك عقب انتهاء الصلوات السيارة التي تقل الجثمان متجهة إلى دمنهور.

 

ويوضع الجثمان في كنيسة القديس مار مرقس الرسول مقر المطرانية بدمنهور لإتاحة الفرصة أمام أبنائه لإلقاء نظرة الوداع عليه وذلك اعتبارًا من الساعة الثامنة مساء اليوم وحتى الساعة الثانية عشر منتصف الليل.

 

 

ويصلى القداس الإلهي صباح غدٍ الاثنين من الساعة السادسة وحتى التاسعة صباحًا، على أن تبدأ صلوات التجنيز الساعة العاشرة صباحًا، وينقل الجثمان بعدها إلى دير القديس مكاريوس السكندري بجبل القلالي، لإتمام مراسم الدفن هناك الساعة الثانية بعد الظهر.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى