
كشفت دراسة حديثة نشرت في مجلة “JAMA Neurology” عن وجود صلة قوية بين بعض عوامل الخطر الوعائية في منتصف العمر، وتحديدًا ارتفاع ضغط الدم والسكري والتدخين، وزيادة خطر الإصابة بالخرف، وتشير النتائج إلى أن الاهتمام بصحة الأوعية الدموية مبكرًا قد يقلل بشكل كبير من معدلات الخرف على مستوى السكان.
ما هو الجهاز الوعائي؟
يشمل الجهاز الوعائي جميع الأوعية الدموية المنتشرة في الجسم، وهي المسؤولة عن نقل الأكسجين إلى كافة أنحاء الجسم والتخلص من الفضلات، للحفاظ على صحة الجهاز الوعائي، يُنصح بتعديل بعض العوامل الخطرة، مثل الإقلاع عن التدخين، الحفاظ على وزن صحي، ممارسة الرياضة، تناول طعام صحي، والحفاظ على مستويات ضغط الدم والكوليسترول منخفضة.
ويؤدي اختلال وظائف الجهاز الوعائي إلى زيادة خطر الإصابة بأمراض الأوعية الدموية مثل تمدد الأوعية الدموية، مرض الشرايين الطرفية، الانسداد الرئوي، والدوالي، كما يمكن أن تزيد هذه الأمراض من فرص الإصابة بمشاكل صحية أخرى خطيرة، بما في ذلك النوبات القلبية والسكتات الدماغية، وقد تؤدي إلى تفاقم أمراض الكلى.
تفاصيل الدراسة
ركزت الدراسة، التي أجراها باحثون من كلية جونز هوبكنز بلومبرج للصحة العامة، على تحليل بيانات طبية لما يقرب من 7700 مشارك من دراسة “خطر تصلب الشرايين في المجتمعات المحلية” (ARIC) التي امتدت من عام 1987 إلى 2020، مع متابعة استمرت 33 عامًا. تم قياس عوامل الخطر لدى المشاركين في الفئات العمرية 45-54، 55-64، و65-74 عامًا.
وأوضح الدكتور جيسون ر. سميث، المؤلف الرئيسي للدراسة، لموقع “Medical News Today” الطبي: “هناك أبحاث متسقة على مدى عقود تشير إلى أهمية عوامل الخطر الوعائية الثلاثة هذه في منتصف العمر (حوالي 45 – 64 عامًا) في زيادة خطر الإصابة بالخرف”، مضيفًا أن “التدخلات المتعلقة بعوامل الخطر الوعائية التي تبدأ في وقت مبكر من منتصف العمر يمكن أن تتجنب جزءًا كبيرًا من خطر الإصابة بالخرف”.
كشفت النتائج أن ما بين 22% و44% من حالات الخرف التي تم الإبلاغ عنها بين المشاركين في سن الثمانين يمكن عزوها إلى عوامل الخطر الوعائية التي ظهرت في منتصف العمر وأواخره، وشدد سميث على أن هذه النسبة تشير إلى “فجوة وقائية كبيرة”، وأن “التدخلات السريرية والصحية العامة التي تستهدف خطر الإصابة بالأوعية الدموية بدءًا من منتصف العمر يمكن أن تؤخر أو تمنع جزءًا كبيرًا من خطر الإصابة بالخرف بحلول سن 80 عامًا”.
الفئات الأكثر عرضة للخطر
أظهرت الدراسة أن عوامل الخطر الوعائية المنسوبة كانت أعلى بشكل خاص لدى المشاركات من الإناث واللائي عرفن أنفسهن كأشخاص سود، وكذلك لدى غير حاملي جين البروتين الدهني ε4 (APOE ε4).
وعلق الدكتور سميث على هذه النتائج قائلًا: “ينبغي توخي الحذر عند تفسير هذه التحليلات الطبقية”، مشيرًا إلى اتساع نطاقات الثقة. ومع ذلك، أضاف أن “المساهمة المطلقة للأوعية الدموية في الخرف أكبر لدى أولئك المعرضين لخطر وراثي أقل للإصابة بمرض الزهايمر”.
صحة الأوعية الدموية مفتاح لصحة الدماغ
وأكد الدكتور كريستوفر يي، طبيب وجراح الأوعية الدموية، أن “صحة الأوعية الدموية هي صحة الدماغ”. وأشار إلى أن النتائج كانت “مذهلة وعملية”، حيث يمكن ربط ما يقرب من نصف حالات الخرف في سن الثمانين بعوامل خطر وعائية قابلة للتعديل مثل ارتفاع ضغط الدم والسكري والتدخين.
وأوضح الدكتور يي أن صحة الأوعية الدموية تؤثر على خطر الخرف من خلال آليات متعددة؛ فالضغط الدموي المرتفع وأمراض الأوعية الدموية يمكن أن تتلف الأوعية الدموية الصغيرة التي تغذي الدماغ، مما يؤدي إلى نقص مزمن في الأكسجين وتلف أنسجة المخ.
كما أن السكتات الدماغية الصامتة والاحتشاءات الدقيقة، الشائعة لدى الأشخاص الذين يعانون من ارتفاع ضغط الدم والسكري غير المنضبطين، يمكن أن تتراكم وتضعف الوظيفة الإدراكية دون علامات تحذيرية واضحة.