عاجلمقالات

حسين محمود يكتب: منظومة العدالة الجنائية

يُعد قانون الإجراءات الجنائية حجر الأساس في منظومة العدالة الجنائية، حيث ينظم سير العدالة منذ لحظة الاشتباه في ارتكاب الجريمة وحتى الفصل النهائي في القضية. ومن بين أبرز ما ينظمه هذا القانون، قواعد احتجاز المتهمين، التي تمثل توازناً دقيقاً بين الحفاظ على الأمن العام، وحماية الحقوق الدستورية للأفراد.

 

متى يبدأ احتجاز المتهم قانوناً؟

 

وفقًا لقانون الإجراءات الجنائية المصري، تبدأ أولى مراحل احتجاز المتهم عند الضبط من قبل مأموري الضبط القضائي، سواء كان ذلك في حالة التلبس أو بناءً على إذن من النيابة العامة. ويُشترط على مأمور الضبط القضائي، فور القبض على المتهم، أن يُبلغه بسبب القبض عليه، ويُمكّنه من الاتصال بمحاميه.

 

الحجز الاحتياطي وأحكامه القانونية

 

أكثر مراحل الاحتجاز حساسية هي الحبس الاحتياطي، والذي يُلجأ إليه في حالات الضرورة فقط، كخشية هروب المتهم، أو التأثير على الأدلة أو الشهود، أو ارتكابه لجرائم خطيرة.

 

وينص القانون على ما يلي:

 

النيابة العامة هي الجهة التي تملك سلطة إصدار قرار الحبس الاحتياطي في حدود 4 أيام من تاريخ القبض.

 

يمكن لقاضي التحقيق أو محكمة الجنح المستأنفة (دوائر الحبس) تجديد الحبس لفترات محددة، لا تتجاوز في مجموعها:

 

45 يوماً قابلة للتجديد، في مرحلة التحقيق.

 

تصل إلى 5 أشهر في الجنح و18 شهراً في الجنايات، وفقًا لخطورة الجريمة.

 

في القضايا التي قد تصل عقوبتها إلى الإعدام أو السجن المؤبد، يمكن مد الحبس الاحتياطي إلى سنتين، كحد أقصى.

 

الضمانات القانونية للمتهم أثناء الاحتجاز

 

يضمن القانون للمتهم عدة حقوق خلال فترة الاحتجاز، أبرزها:

 

العرض الفوري على النيابة خلال 24 ساعة من القبض عليه.

 

عدم تعريضه للتعذيب أو المعاملة القاسية.

 

تمكينه من الاتصال بمحاميه وأسرته.

 

عرضه على الطبيب حال وجود أي أعراض مرضية أو إصابات.

 

حقه في الطعن على قرار حبسه الاحتياطي أمام المحكمة المختصة.

 

 

مراكز الاحتجاز وأماكن التنفيذ

 

بموجب توجيهات وزارة الداخلية وتنسيقها مع النيابة العامة، يتم احتجاز المتهمين في أماكن معتمدة قانونًا، وهي:

 

أقسام ومراكز الشرطة، خلال الأيام الأولى من الحبس.

 

السجون المركزية في حال تجديد الحبس لمدد أطول.

 

تخضع هذه الأماكن لرقابة النيابة العامة والمجلس القومي لحقوق الإنسان، لضمان حسن المعاملة وتطبيق القانون.

 

 

البدائل القانونية للحبس الاحتياطي

 

نظرًا للانتقادات المتزايدة بشأن طول فترات الحبس الاحتياطي، أقر القانون المصري عددًا من البدائل، منها:

 

الإفراج بكفالة.

 

المنع من السفر.

 

وضع المتهم تحت المراقبة الشرطية.

 

استخدام السوار الإلكتروني في بعض الحالات، وهو إجراء حديث قيد التوسع.

 

الرقابة القضائية والتشريعية

 

لا يُترك قرار احتجاز المتهم دون رقابة، بل يتم تحت نظر:

 

النيابة العامة، بصفتها سلطة التحقيق والإشراف على السجون.

 

القضاء الطبيعي، عبر الطعون والتظلمات.

 

البرلمان المصري، الذي يراقب تنفيذ القوانين ويناقش التعديلات اللازمة بشكل دوري، خاصة في ظل المطالب الحقوقية المتكررة.

 

خلاصة القول، إن تنظيم احتجاز المتهمين وفقًا لقانون الإجراءات الجنائية يمثل الركيزة الأولى للعدالة الجنائية. فبينما يحرص القانون على تحقيق الردع والقبض على الجناة، فإنه لا يغفل في الوقت نفسه ضمان الحقوق الدستورية والإنسانية لكل متهم، باعتباره بريئًا حتى تثبت

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى