
في زمنٍ يُفترض أن يكون فيه “الحضن” درعًا، تحوَّل إلى مشرحة..
وفي زمنٍ كانت فيه كلمة “بابا” و”ماما” تُطمئن، أصبحت تُرعب.
نحن لا نتحدث عن قصة في رواية رعب، بل عن حقيقة دامغة تتكرر كل يوم..
آباء وأمهات يعدمون أبناءهم بدمٍ بارد، مثنى وثلاث ورباع، وبوسائل لا تخطر على عقل بشر.
البيت الذي كان يومًا ملاذًا آمنًا، صار ساحة إعدام..
والأم التي كانت تموت لأجل طفلها، باتت تدفنه بيديها، دون ندم..
والأب الذي كان حارس العائلة، أصبح سفّاحها الأول.
مشاهد من الجحيم.. داخل البيوت!
أم تُغرق أطفالها في المياه كي لا “يُزعجوها”.
أب يُلقي أطفاله من الشرفة، ثم يشرب كوبًا من الشاي بهدوء.
أم تخنق رضيعتها “بالمخدة” لأن بكاءها أزعجها أثناء المكياج.
أب يذبح أبناءه بسكين المطبخ، ثم يخرج للتنزه كأن شيئًا لم يكن.
هذه ليست لقطات سينمائية.. بل وقائع حقيقية وقعت داخل غرف النوم، في أحياء شعبية وراقية على حد سواء.
عندما يتحول الحنان إلى جريمة
الصدمة الحقيقية ليست في القتل فقط، بل في ما قبله:
انعدام الرحمة.
غياب الضمير.
خواء المشاعر.
إلغاء فكرة “العائلة” لصالح فكرة “الذات المريضة”.
لم تعد الأم تُفكر في إرضاع طفلها، بل في التخلص منه.
لم يعد الأب يبحث عن مستقبل لابنه، بل عن طريقة لدفنه.
ليسوا مجانين.. إنهم قتلة!
كثيرون يظنون أن مرتكبي هذه الجرائم “مختلون عقليًا”.. والحقيقة أن عددًا كبيرًا منهم بكامل وعيهم، بل ويخططون جيدًا، ويختارون الوقت المناسب، والطريقة الأقل صخبًا، ويدفنون أبناءهم في صمتٍ، ثم يدّعون البراءة أو “الجنون” للهروب من العقاب.
لكنهم ليسوا مرضى.. بل مجرمون ارتكبوا أشنع خيانة عرفها التاريخ البشري: خيانة الأبناء.
البيوت أصبحت ساحات حرب!
لم تعد المعارك في الخارج.. بل داخل البيت.
الطفل ينام في غرفته، لكنه لا يعرف إن كان سيستيقظ حيًا.
الأم تطبخ في المطبخ، ثم تستخدم نفس السكين في ذبح فلذات كبدها.
الأب يُقبل أبناءه صباحًا، ثم يخنقهم ليلًا بحزامه.
أصبحت البيوت حقول ألغام، لا أحد يعرف متى تنفجر.
ماذا حدث لهذا المجتمع؟!
هل الفقر قتل الرحمة؟
هل السوشيال ميديا قتلت الفطرة؟
هل الناس ماتت قلوبها أم باعوا ضمائرهم؟
أين ذهبت صورة الأم وهي تحمي طفلها من نسمة هواء؟
أين اختفت صورة الأب وهو يبني مستقبلاً لطفله؟
الأسئلة كثيرة، لكن النتيجة واحدة: البيت سقط.
سقطت الحماية.. وسقطت القدوة.. وسقطت الإنسانية.
النهاية مفتوحة.. لكن الخطر أكبر
هذه ليست نهاية قصة.
ولن تكون آخر جريمة.
لأن الصمت شريك في القتل..
ولأن كل من يرى خللاً ويسكت، يضع سكينا في يد القاتل.
لقد تحولت بيوتنا من جدران تسكنها الحياة، إلى جدران تخنق من بداخلها.
وما لم يدق المجتمع ناقوس الخطر.. فـ”الضحية القادمة” قد تكون على السرير الآن، تنتظر حكاية قبل النوم، ولا تعرف أنها آخر حكاية.