
جرائم الاتجار في الأعضاء البشرية لم تعد مجرد ممارسات فردية أو محاولات عابرة، بل تحولت إلى تجارة سوداء قذرة يختبئ وراءها مجرمون عديمو الضمير، يتخذون من الحاجة والفقر ستارًا لارتكاب جرائمهم، مستغلين ضعف البسطاء وجهلهم، بل وأحيانًا إغوائهم بالمال أو خداعهم بعمليات علاج وهمية، لينتهوا ضحايا لجرائم بشعة تُزهق أرواحًا وتُحطم إنسانية.
القانون المصري كان حاسمًا في مواجهة هذه الكارثة الأخلاقية والإنسانية، حيث نصت التشريعات بوضوح على تجريم نقل وزراعة الأعضاء البشرية بالتحايل أو الخداع، واعتبارها جريمة مكتملة الأركان يعاقب مرتكبوها بعقوبات مشددة تصل إلى السجن المؤبد، إذا ترتب على الجريمة وفاة المجني عليه أو إصابته بعاهة مستديمة، فضلًا عن الغرامات المالية الضخمة التي قد تصل إلى ملايين الجنيهات.
المشرّع لم يترك ثغرة يمكن أن يتسلل منها تجار الموت، فجريمة التحايل في الحصول على الأعضاء – سواء عبر تزوير أوراق، أو إيهام المريض بضرورة جراحة وهمية، أو حتى استغلال قاصر أو فاقد أهلية – كلها جرائم لا تقل خطورة عن القتل العمد. بل إن المشرع وضعها في مصاف الجرائم الكبرى، نظرًا لخطورتها المباشرة على حياة الإنسان وكرامته.
الأدهى من ذلك أن هذه الشبكات المجرمة تعمل غالبًا في الظلام، مستخدمة عيادات مشبوهة أو سماسرة بلا ضمير، الأمر الذي يجعل دور الأجهزة الأمنية والرقابية حاسمًا في ملاحقة أوكارهم. ووزارة الداخلية، بالتنسيق مع النيابة العامة، تبذل جهودًا متواصلة لضبط هذه الشبكات، وغلق المنافذ أمام أي محاولة لاستباحة جسد المواطن المصري أو المتاجرة بآلامه.
إن نقل الأعضاء بالتحايل والخداع ليس مجرد جريمة قانونية، بل هو جريمة ضد الإنسانية، لأنها تسلب الإنسان حقه في الحياة بكرامة. والردع الصارم وحده هو السبيل لاقتلاع هذه الظاهرة من جذورها، وتجفيف منابعها، حتى لا يجد المجرمون بيئة خصبة يستغلون فيها حاجة الناس.
فالرسالة واضحة: لا تهاون مع من يتاجر بأعضاء البشر.. ولا مفر من العقاب الرادع لكل من تسوّل له نفسه ارتكاب هذه الجريمة السوداء.