
عندما يدق ناقوس الخطر، وحين تصبح الثواني الفاصلة بين الحياة والموت حاسمة، يظهر رجال من طراز خاص، لا يعرفون التراجع أو التردد. إنهم أبطال قوات الإنقاذ البري، الذين يلبّون النداء في أصعب الظروف، يتحدون النيران، يخترقون الأنقاض، ويخوضون معركة شرسة ضد الزمن لإنقاذ الأرواح.
كل يوم، في شوارع المدن المزدحمة، أو على الطرق السريعة، أو بين أنقاض المباني المنهارة، يواجه هؤلاء الأبطال مواقف شديدة الخطورة، حيث لا مجال للخطأ، ولا وقت للتردد.
ميدان الخطر.. دقائق تفصل بين الحياة والموت
كل بلاغ طارئ هو معركة قائمة بذاتها، حيث تنطلق الفرق بسرعة فائقة، مجهزة بأحدث المعدات العالمية، ومدعومة بتقنيات متطورة، لتحليل الموقف واتخاذ القرار في أجزاء من الثانية.
في حادثة انهيار عقار القاهرة، تم استخدام كاميرات الألياف البصرية التي تستطيع النفاذ عبر الشقوق الصغيرة للبحث عن ناجين تحت الركام، مما مكّن الفرق من تحديد مواقع الأحياء وإنقاذهم قبل فوات الأوان.
أما في حادث تصادم ضخم على الطريق الدائري، فقد تم الاستعانة بـالطائرات المُسيّرة (الدرونز) الحرارية، التي ترصد درجات حرارة الأجسام البشرية وسط الحطام، مما سهّل الوصول إلى المصابين بسرعة غير مسبوقة.
وفي كارثة السيول الأخيرة بجنوب سيناء، استخدم رجال الإنقاذ روبوتات الغوص المائية، القادرة على البحث في أعماق الأنهار والمياه العكرة لإنقاذ العالقين داخل السيارات التي جرفتها المياه.
أحدث الأجهزة والتقنيات العالمية في الإنقاذ البري
تحرص وزارة الداخلية على توفير أحدث الأجهزة التكنولوجية المتطورة لقوات الإنقاذ البري، مما جعلها ضمن أقوى فرق الإنقاذ في المنطقة. ومن بين المعدات الحديثة التي تم إدخالها للخدمة:
1- الكاميرات الحرارية وكاميرات الألياف البصرية
تتيح تحديد أماكن الأحياء تحت الأنقاض أو في الأماكن المظلمة.
تُستخدم في حوادث انهيار المباني، وحوادث الاختناق داخل المصانع أو المناجم.
2- الطائرات المُسيّرة (الدرونز) بقدرات متطورة
مجهزة بتقنيات التصوير الحراري والراداري.
تساعد في البحث عن مفقودين في الأماكن الوعرة مثل الجبال والغابات والصحاري.
تُستخدم في مراقبة حوادث الطرق الكبرى، وتحديد نطاق الحطام وانتشار المصابين.
3- أنظمة تحديد المواقع (GPS) وأجهزة الاستشعار الجوي
تُستخدم لتحديد مواقع الحوادث بدقة عالية، ما يساعد في توجيه فرق الإنقاذ بسرعة إلى النقاط الحرجة.
تتيح تتبع أماكن رجال الإنقاذ لحمايتهم أثناء العمل في المناطق الخطرة.
4- روبوتات الإنقاذ والبحث تحت الأنقاض
قادرة على الدخول إلى المساحات الضيقة والخطرة حيث يصعب على البشر الوصول.
مُجهزة بأذرع روبوتية للمساعدة في إزالة العوائق الصغيرة عن الناجين.
5- أجهزة القص الهيدروليكي وأنظمة الرفع الثقيلة
تُستخدم في حوادث اصطدام السيارات لتحرير العالقين بسرعة فائقة.
مزودة بتقنيات حديثة تجعلها تعمل دون إحداث اهتزازات تؤثر على الضحايا المحاصرين.
6- بدلات الإنقاذ الذكية
ملابس متطورة مقاومة للحرائق والصدمات، ومزودة بأجهزة استشعار لمراقبة المؤشرات الحيوية لرجل الإنقاذ أثناء العمليات الخطرة.
تحتوي على أنظمة تواصل لاسلكي متقدمة تمكن الأفراد من العمل بكفاءة داخل المواقع المعقدة.
7- روبوتات الغوص والإنقاذ المائي
قادرة على البحث عن ناجين في حالات الغرق أو الفيضانات دون تعريض رجال الإنقاذ للخطر.
مزودة بكاميرات وأجهزة استشعار متقدمة تعمل في الظلام الدامس والمياه العكرة.
قصص بطولية من أرض الواقع
في كل عملية إنقاذ، هناك قصة بطولة تستحق أن تُروى.
عملية إنقاذ أطفال حضانة شبرا: أثناء اندلاع حريق هائل، حاصر الدخان الكثيف عشرات الأطفال داخل حضانة، لكن بفضل أجهزة التنفس الحديثة التي تم تزويد الفرق بها، تمكنوا من اختراق النيران وإخراج الأطفال بأمان.
انتشال ناجٍ من تحت أنقاض مصنع المحلة: بعد 18 ساعة من انهيار المصنع، استطاعت فرق الإنقاذ تحديد موقع أحد العمال باستخدام أجهزة التصوير الحراري، وتم إخراجه وسط صيحات الفرحة من الأهالي.
إنقاذ سائق غرق في نهر النيل: بعد سقوط سيارته في المياه، تدخلت روبوتات الإنقاذ المائي، وتمكنت من تحديد موقعه بدقة وإنقاذه قبل أن يفقد وعيه.
تدريبات مستمرة.. وتأهب دائم
رجال الإنقاذ البري لا يكتفون بالمعدات الحديثة، بل يخضعون لتدريبات شاقة تحاكي أسوأ السيناريوهات، مثل:
التدريب على إنقاذ العالقين تحت الأنقاض باستخدام معدات متطورة تحاكي انهيارات حقيقية.
محاكاة حوادث الطرق السريعة بالتعاون مع الهيئات المرورية لسرعة التعامل مع الإصابات الحرجة.
تدريبات على العمل في المناطق الوعرة مثل الصحاري والجبال، لمواجهة ظروف الطقس القاسية.
تحية واجبة لأبطال لا ينامون
وراء كل عملية إنقاذ ناجحة، هناك رجال يضحون بحياتهم في سبيل إنقاذ الآخرين. إنهم أبطال الليل والنهار، الذين لا يعرفون الخوف، ولا ينتظرون الشكر، بل يكفيهم أن يعيدوا الأمل لعائلة فقدت أملها في نجاة أحبائها. هؤلاء الجنود المجهولون هم درع الوطن الحقيقي، الذين يستحقون كل التقدير والاحترام.