عاجلمقالات

حسين محمود يكتب: فرحة الأطفال تتحول إلى كوارث وحوادث مميتة

في الوقت الذي ينتظر فيه المسلمون شهر رمضان بشوق لما يحمله من روحانيات وطقوس خاصة، يتفاجأ المواطنون كل عام بظاهرة مرعبة تتكرر دون رادع، وهي انتشار الألعاب النارية والمفرقعات التي تحوّل ليالي الشهر الفضيل إلى ساحة من الفوضى والخطر. فمن مجرد لهو بريء للأطفال، تحولت المفرقعات إلى كابوس يؤرق الأسر، مسببًا الذعر بين السكان، والإصابات الخطيرة، والحرائق، وحتى الوفيات!

 

انفجارات تزلزل الأحياء.. وأطفال يدفعون الثمن

 

“كنت أجلس مع أسرتي بعد الإفطار عندما دوّى انفجار هائل أمام المنزل، شعرت للحظة أن قنبلة قد انفجرت، فوجدت ابني البالغ من العمر 10 سنوات يصرخ من الألم بعد أن انفجرت مفرقعة في يده، وأدت إلى إصابته بحروق شديدة”، بهذه الكلمات يروي “أحمد عبدالعزيز”، أحد سكان حي شبرا، مأساة ابنه مع الألعاب النارية، التي تحولت من وسيلة للفرح إلى أداة للتشويه والإعاقة.

 

وما يزيد الأمر سوءًا أن العديد من هذه المفرقعات تُصنّع في ورش سرية بطرق بدائية وغير آمنة، ما يجعلها أكثر خطورة، حيث تحتوي على مواد كيميائية شديدة الانفجار قد تتسبب في كوارث مدمرة.

 

حيازة الألعاب النارية.. جريمة تزداد انتشارًا في رمضان

 

رغم التحذيرات المتكررة من الجهات الأمنية وخطباء المساجد والأطباء، فإن الظاهرة لا تزال تنتشر بقوة، حيث يعتمد بعض التجار على استيراد هذه الألعاب المهربة أو تصنيعها محليًا وبيعها للأطفال والمراهقين بأسعار زهيدة.

 

من الناحية القانونية، تُصنّف الألعاب النارية ضمن المواد المحظورة، ويُعاقب كل من يثبت تورطه في استيرادها أو بيعها أو تصنيعها، بالسجن والغرامة، وفقًا للقانون المصري. ومع ذلك، فإن انتشارها الواسع يشير إلى وجود سوق سوداء نشطة تزوّد الأطفال والشباب بهذه المواد الخطرة، مما يعرّض حياة الجميع للخطر.

 

مداهمات أمنية لمخازن الموت.. وإجراءات رادعة لمروّجي الكارثة

 

لم تقف الأجهزة الأمنية مكتوفة الأيدي أمام هذه الفوضى، حيث كثفت وزارة الداخلية حملاتها لملاحقة تجار المفرقعات، وضبطت خلال الأيام الماضية كميات ضخمة من الألعاب النارية، إلى جانب مداهمة ورش التصنيع غير القانونية.

 

وقال العقيد أحمد سمير، مسؤول أمني بوزارة الداخلية:

“نخوض حربًا ضد هذه الظاهرة التي تهدد المجتمع، لن نسمح للفوضى أن تعكر صفو رمضان، وسنضرب بيد من حديد على كل من يروج أو يتاجر بهذه القنابل الموقوتة.”

 

حرائق، إصابات، ووفيات.. إلى متى تستمر الكارثة؟

 

لم تكن الإصابات الناتجة عن الألعاب النارية مجرد جروح سطحية، بل وصلت في بعض الحالات إلى فقدان البصر، وبتر الأصابع، وحروق خطيرة تؤدي إلى عاهات مستديمة.

 

وفي العام الماضي، شهد حي المطرية كارثة حقيقية، حيث أدى انفجار مجموعة من المفرقعات إلى اندلاع حريق هائل في أحد المحال التجارية، مما أسفر عن وفاة شاب وإصابة آخرين بحروق خطيرة، فضلاً عن خسائر مادية فادحة.

 

رمضان شهر العبادة وليس الفوضى.. هل حان وقت الوعي المجتمعي؟

 

بينما تكثّف الدولة جهودها للحد من هذه الظاهرة، يبقى الدور الأكبر على عاتق الأسر والمجتمع بأسره. فهل نترك أبناءنا فريسة لهذه العادة المدمرة، أم نعمل على توعيتهم بخطورتها وحماية أرواحهم؟

 

رمضان شهر الرحمة، لا الرعب.. شهر السكينة، لا الانفجارات.. ولن يتحقق ذلك إلا بتكاتف الجميع، والوقوف بحزم ضد مروّجي هذه القنابل التي تحوّل الفرحة إلى مأساة!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى