
في وقت تتعاظم فيه مخاطر المخدرات على أمن وسلامة المجتمعات، تواصل وزارة الداخلية المصرية، ممثلة في الإدارة العامة لمكافحة المخدرات، خوض واحدة من أعنف وأهم المعارك الأمنية في تاريخها، مستهدفة اجتثاث جذور تجارة السموم البيضاء. هذه الحرب لا تقتصر على حدود الدولة، بل تمتد لتتصدى لمافيا التهريب الإقليمي والدولي، مدعومة بخبرات أمنية متقدمة وإرادة سياسية صارمة.
وفي القلب من هذه المواجهة، يبرز اسم اللواء محمد زهير، مدير الإدارة العامة لمكافحة المخدرات، الذي استطاع خلال أشهر قليلة أن يعيد تشكيل خريطة المواجهة، ويوجه ضربات موجعة للعديد من الشبكات التي ظنت أنها فوق القانون.
أجهزة استخباراتية وطنية.. ورؤية أمنية عابرة للحدود
يعتمد اللواء محمد زهير على أسلوب عمل يشبه ما يمكن تسميته بـ”العقل الاستخباراتي متعدد المستويات”. لا تقتصر العمليات التي يقودها على المعلومات المحلية، بل تتكامل مع قواعد بيانات دولية، وشبكات مراقبة إقليمية، واتفاقيات تعاون أمني تشمل أجهزة في أوروبا وآسيا وأفريقيا.
في الأشهر الأخيرة، نجحت فرق التحري والرصد التابعة للإدارة في فك شفرات شحنات مهربة قادمة من دول مثل باكستان، البرازيل، لبنان، وهولندا. وكانت تلك الشحنات تحمل كميات ضخمة من مخدر الآيس والكوكايين مُخبّأة داخل أجهزة كهربائية، قطع غيار، أو حاويات شحن مزورة.
ضربات نوعية بأساليب جديدة.. التفاصيل من أرض العمليات
في عملية معقدة استغرقت أسابيع من المراقبة، تمكنت الإدارة من تتبع شحنة تحمل 45 كيلو جرامًا من الكوكايين عالي النقاء، كانت معدّة للتوزيع عبر 4 محافظات كبرى. تمت العملية في ساعة الصفر بمشاركة 4 فرق اقتحام ومجموعة دعم تقني، ما أدى إلى ضبط الشحنة قبل توزيعها بساعات قليلة فقط.
وفي عملية أخرى، تم ضبط شبكة تخصصت في تهريب “الآيس” إلى داخل البلاد عبر الحدود الشرقية، بالتعاون مع جهات تهريب أجنبية. اللواء زهير قاد بنفسه غرفة العمليات الخاصة بهذه الحملة، والتي أسفرت عن ضبط 28 كيلو جرامًا من الشبو، و7 متهمين بينهم أجانب، إضافة إلى أجهزة اتصالات متطورة وأكواد تحويل مالي مشفّرة.
130 كيلو مواد مخدرة.. و72 ألف قرص مؤثر عقلي خلال 3 أشهر فقط
الأرقام وحدها تكشف حجم المعركة:
130 كيلو جرامًا من الهيروين، الآيس، الحشيش، الكوكايين.
72,000 قرص مخدر من الأنواع الفتاكة مثل الكبتاجون، الترامادول، والزاناكس.
تفكيك 5 شبكات دولية على اتصال بجهات تهريب في أمريكا اللاتينية والشرق الأوسط.
القبض على 56 عنصرًا شديد الخطورة من بينهم مهربون مصنّفون على القوائم الحمراء للإنتربول.
ضبط ورش تصنيع محلية تستخدم خامات صناعية لتحضير المخدرات التخليقية.
حرب نفسية ومعنوية.. واستهداف عقول الشباب
لم تقف جهود اللواء زهير عند الجانب الأمني، بل شملت أيضًا العمل على رفع الوعي المجتمعي. تم تنفيذ حملات توعية في الجامعات، المدارس، وأماكن العمل، بالشراكة مع وزارة الصحة والمؤسسات الدينية، لإبراز مخاطر الإدمان.
كما وجّه الإدارة إلى رصد مواقع التواصل الاجتماعي التي يروّج من خلالها بعض الأفراد للمخدرات تحت غطاء أسماء مستعارة، حيث تم الإيقاع بعدد من هؤلاء من خلال “كمائن إلكترونية” متقدمة.
مراكز تحليل وتكنولوجيا متقدمة وراء النجاح
بالتعاون مع قطاع تكنولوجيا المعلومات بالوزارة، تم تزويد الإدارة العامة لمكافحة المخدرات بأجهزة تحليل مخبري قادرة على التعرف على المواد المخدرة المهربة حتى في أقل تركيزاتها، مما مكّن من كشف أنواع جديدة من المخدرات التركيبية. كما تم تطوير مركز تحليل البيانات داخل الإدارة، والذي يتعامل مع بيانات الهواتف، التحويلات المالية، وأنماط السفر الدولية لرصد تحركات.
ختامًا، تبقى الرسالة واضحة وصريحة: مصر ليست ساحة مفتوحة للمهربين، وكل من يفكر في الاتجار بالسموم سيجد نفسه في مواجهة دولة قوية، تعرف جيدًا كيف تحمي أمنها القومي وشبابها.