
في واحدة من أقوى الضربات الأمنية ضد الفساد الإداري، كشفت هيئة الرقابة الإدارية عن تفاصيل إسقاط شبكة خطيرة متورطة في تسهيل ارتكاب مخالفات البناء، تضم سكرتيرًا عامًا مساعدًا بإحدى المحافظات و15 مسؤولًا حكوميًا من العاملين في الإدارات الهندسية والتنظيم ووحدات محلية مختلفة.
ووفقًا لما أعلنته مصادر مطلعة، فإن الشبكة كانت تعمل على تمكين عدد من المقاولين وأصحاب العقارات من تنفيذ مخالفات جسيمة لقانون البناء، تشمل البناء على أراضٍ غير مخصصة، وتجاوز الارتفاعات القانونية، والتعدي على خطوط التنظيم، وذلك مقابل رشاوى مالية طائلة.
تحريات دقيقة وكشف المستور
العملية التي نفذتها هيئة الرقابة الإدارية جاءت بعد تحريات موسعة استغرقت عدة أشهر، رُصدت خلالها تحركات الشبكة بدقة، حيث تم تسجيل لقاءات، وتوثيق محادثات، وجمع أدلة دامغة تؤكد تورطهم في تسهيل أعمال البناء المخالف، وطمس قرارات الإزالة، والتلاعب بالمستندات الرسمية.
وأسفرت العملية عن ضبط المتهمين متلبسين بحيازة مستندات رسمية مزورة، إلى جانب مبالغ مالية كبيرة كانت بمثابة دفعات من الرشاوى التي تلقوها نظير التسهيلات التي قدموها.
اعترافات صادمة.. ووثائق تدين الجميع
في تحقيقات النيابة العامة، قدم المتهمون اعترافات تفصيلية كشفت حجم الفساد والتلاعب الذي استشرى داخل بعض مؤسسات الإدارة المحلية. وأقر المتهمون بتسهيل حصول بعض المواطنين على تراخيص بناء غير قانونية، إلى جانب التغاضي المتعمد عن مخالفات البناء، وتعطيل قرارات الإزالة، مما مكّن أصحاب المخالفات من الاستمرار في التعدي على الأراضي.
أربع اتهامات ثقيلة تلاحق الشبكة
وجهت النيابة للمتهمين أربع اتهامات رئيسية هي:
- 1. الانضمام إلى تشكيل عصابي للإضرار بالمال العام.
- 2. تسهيل الاستيلاء على أراضٍ مملوكة للدولة.
- 3. التربح غير المشروع من الوظيفة العامة.
- 4. تزوير أوراق رسمية وإصدار تراخيص مزيفة.
الدولة تحسم.. والرقابة لن تتهاون
أكدت مصادر مسؤولة أن التحقيقات مستمرة، وأن هناك قائمة موسعة من المتورطين قيد الاستدعاء والملاحقة. وشددت على أن الدولة تتبنى استراتيجية صارمة لمكافحة الفساد الإداري، خاصة في قطاع المحليات الذي يمثل إحدى أخطر بؤر التجاوزات.
وأضافت المصادر أن ما جرى يمثل تحذيرًا واضحًا بأن لا أحد فوق القانون، وأن كل من يخون الأمانة ويستغل موقعه الوظيفي للإضرار بالصالح العام سيُحاسب دون تهاون.
خاتمة: لا مكان للفاسدين بعد اليوم
ما حدث ليس مجرد كشف شبكة فساد، بل رسالة واضحة بأن يد الدولة أصبحت أطول من الفساد، وأن رقابة الدولة لن تغفل لحظة عن حماية المال العام وحقوق المواطنين.
وإذا كان الفساد قد استشرى في بعض المواقع، فإن ضرباته اليوم تتلقى الرد الحاسم من مؤسسات رقابية لا تعرف المجاملة، ولا تملك رفاهية الصمت.