
في واحدة من أكبر وأشمل حركات التنقلات التي تشهدها وزارة الداخلية خلال السنوات الأخيرة، أعادت الوزارة رسم خريطة القيادة الأمنية في الجمهورية، ضمن خطة تطوير شاملة تستهدف رفع كفاءة الأداء الأمني، والتصدي الحاسم لكل صور الجريمة، التقليدية والمستحدثة على السواء.
الحركة التي وُصفت داخل أروقة الوزارة بأنها “ضربة تنظيمية استباقية”، جاءت نتاج دراسات موسعة وتقارير دقيقة رصدت أداء القيادات على مدار العام، وقيّمت العمل الميداني بدقة، وجاءت لتثبت أن الولاء والانضباط وحدهما لا يكفيان، بل يجب أن يُترجما إلى نتائج أمنية ملموسة على الأرض.
للواء محمد زهير.. مقاتل في مواجهة سموم المخدرات وخطر السلاح
في واحدة من أقوى قرارات الحركة، جاء تصعيد اللواء محمد زهير إلى منصب مساعد وزير الداخلية لقطاع مكافحة المخدرات والأسلحة والذخائر غير المرخصة، تأكيداً على ثقة الوزارة في “رجل المهام الصعبة” الذي يعرف جيداً تفاصيل الملفات الخطيرة التي تهدد المجتمع.
اللواء زهير يُعد من القيادات التي لا تؤمن بالمكاتب المغلقة، بل بالمواجهة المباشرة مع أباطرة المخدرات وتجار السلاح، وله تاريخ مشهود في تفكيك شبكات التهريب العابر للحدود، وضرب أوكار التوزيع، وملاحقة العناصر الخطرة في صحراء مطروح وجنوب الصعيد والمناطق الحدودية.
خلال السنوات الماضية، لعب زهير أدواراً حاسمة في ضبط شحنات مخدرات كبرى قبل توزيعها في الأسواق، ومداهمة مصانع الأسلحة البدائية التي تهدد الأمن المجتمعي، وكان من القادة القلائل الذين يؤمنون بـ”الضربة الاستباقية” قبل وقوع الكارثة.
وبتوليه هذا المنصب الحساس، تُرسل الوزارة رسالة واضحة بأن الحرب ضد المخدرات والسلاح غير المرخص ستتصاعد، وأن مرحلة التراخي انتهت بلا رجعة.
اللواء علاء بشندي.. تجديد الثقة في “عقل أمن القاهرة”
من أبرز معالم حركة التنقلات أيضاً، تجديد الثقة في اللواء علاء بشندي مديراً لمباحث القاهرة، العاصمة التي لا تنام، والتي يُنظر إليها على أنها ميزان الأمن المصري.
اللواء بشندي، بخبراته الميدانية وأسلوبه في إدارة الأزمات، نجح في إحباط عشرات المحاولات الإجرامية الكبرى، منها قضايا خطف، واتجار بالبشر، ومداهمات لأوكار النصب الإلكتروني، وملفات حساسة تتعلق بالجريمة المنظمة.
كما لعب دوراً محورياً في إعادة الانضباط إلى مناطق كانت تصنف سابقاً كمناطق ساخنة، أبرزها منشأة ناصر، والمرج، والسلام، وبعض بؤر وسط البلد وشمال القاهرة.
ولم يكن دوره قاصراً على الجانب الجنائي، بل امتد إلى ملفات أمنية معقدة تتطلب توازناً بين الحسم والحنكة، مثل التعامل مع الشائعات الإلكترونية، ومراقبة الجماعات المأجورة التي تسعى لهدم الثقة في الأجهزة الأمنية.
اختياره للاستمرار على رأس مباحث القاهرة، رسالة مفادها أن الوزارة لا تفرط في رجالها المخلصين الذين أثبتوا كفاءة نادرة في أشد المواقف حرجاً.
قيادات شابة.. واستثمار ذكي في كوادر المستقبل
وفي سياق موازٍ، حرصت وزارة الداخلية على الدفع بقيادات شابة تمتلك مهارات ميدانية وإدارية تؤهلها لتحمل مسؤولية المستقبل، حيث تم اختيار عناصر أثبتت نفسها في مواقع التنفيذ والضبط، وتم منحهم الفرصة لقيادة قطاعات نوعية أو إدارات مركزية.
وهو ما يمثل استثماراً ذكياً في كوادر الوزارة، ورسالة بأن التدرج الوظيفي لا يعني الجمود، بل حركة مستمرة في اتجاه التطوير والتجديد.
رسالة حسم للمجتمع والخصوم: لا تراخي.. لا استثناءات
حركة تنقلات الشرطة لم تكن مجرد تدوير وظيفي، بل عملية جراحية أمنية شاملة استهدفت إزالة الترهل ورفع الكفاءة، والاعتماد على عناصر ميدانية قادرة على اتخاذ القرار تحت الضغط، والاستجابة السريعة للمتغيرات الأمنية على الأرض.
والأهم، أن الحركة بعثت برسالة مزدوجة للمواطن: أمنك في أيدٍ أمينة تتحرك بثقة ومسؤولية.
وللخصوم والمجرمين: كل بؤرة إجرامية تحت الرقابة، وكل تحرك مشبوه له من يرصده، والرد سيكون حاسماً.
ختاماً: خطة تطوير شاملة.. وأمن لا ينام
وزارة الداخلية تؤكد من خلال هذه الحركة أنها تمضي بثبات نحو إعادة هندسة الجهاز الأمني ليكون أكثر مرونة وحرفية، وأكثر قرباً من المواطن.
الخبرات لم تُهمل، والكفاءات تم تمكينها، والأداء أصبح هو المعيار الأول والأخير.
وفي ظل التحديات الراهنة داخلياً وخارجياً، فإن هذه التغييرات لا تمثل مجرد حركة عادية، بل جزء من استراتيجية الدولة في بناء منظومة أمنية وطنية حديثة، تدرك المخاطر، وتسبقها بخطوة.