
ضربة أمنية قاصمة أعادت الهيبة لسلطة القانون، ووجهت رسالة قوية لمافيا تجارة التاريخ: لا عبث مع حضارة مصر. فقد نجحت أجهزة وزارة الداخلية في ضبط عاطل تورط في واحدة من أكبر قضايا التنقيب غير المشروع بالمنيا، بعدما استخرج من إحدى المناطق الجبلية 577 قطعة أثرية نادرة تمثل حقبًا تاريخية متعددة، في محاولة لبيعها عبر شبكات السوق السوداء.
التحريات الأمنية أكدت أن المتهم قاد عمليات حفر سرية في منطقة جبلية وعرة، معتقدًا أن بعدها عن الكتل السكانية سيخفي جرائمه، إلا أن يقظة ورجال الأمن الوطني والبحث الجنائي أحبطوا مخططه. وبمداهمة وكره، عُثر على المضبوطات التي ضمت تماثيل صغيرة، أواني فخارية، نقوش حجرية، قطع معدنية، وأدوات جنائزية، بعضها يعود للعصور الفرعونية، وأخرى رومانية وقبطية وإسلامية، ما يكشف عن حجم الكارثة التي كادت أن تضيع معها ثروة قومية لا تقدر بثمن.
لجنة من خبراء وزارة السياحة والآثار فحصت المضبوطات وأكدت أنها أصلية، ذات قيمة تاريخية وحضارية هائلة، مشيرة إلى أن جزءًا منها ينتمي لعصور الدولة الحديثة، بينما ينتمي الآخر لفترات لاحقة من تاريخ مصر الممتد.
هذه الضبطية تكشف الوجه الأسود لمافيا تجارة الآثار، الذين لا يرون في تاريخ مصر إلا سلعة للتربح السريع، متجاهلين أن كل قطعة منه هي شاهد على حضارة عمرها آلاف السنين.
القانون لا يرحم
القانون المصري حدد عقوبات صارمة تصل إلى السجن المؤبد والغرامة التي قد تصل إلى 10 ملايين جنيه لكل من يثبت تورطه في الاتجار أو التهريب أو التنقيب غير المشروع عن الآثار. وهي عقوبات تمثل رادعًا لكل من تسول له نفسه التلاعب بتراث الأجيال.
رسالة الدولة
الداخلية أكدت أن هذه الضربة ليست الأولى ولن تكون الأخيرة، وأن حملاتها ستستمر في ملاحقة مافيا النهب الأثري بلا هوادة. فالحضارة المصرية ليست للبيع، ومن يمد يده إليها فلن يحصد إلا السقوط والسجن.
إن الحفاظ على الآثار مسؤولية وطنية مقدسة، ومن يعبث بها يرتكب خيانة بحق الوطن والأجيال القادمة. ورسالة الأمن واضحة: تاريخ مصر خط أحمر.