“فيوس” على كورنيش دار السلام: بار مشبوه يُهدد أمن المجتمع والقيم المصرية
شكاوى بريد الأهرام نيوز

على ضفاف نيل القاهرة، وفي قلب حي دار السلام الشعبي، يتوارى خلف الأضواء الخافتة مبنى يحمل اسمًا غامضًا: “فيوس” قد يبدو للوهلة الأولى كأي مكان ترفيهي، لكنه في الحقيقة أصبح مصدر قلق يومي لسكان المنطقة، ومركزًا لحفلات صاخبة وأنشطة توصف بأنها خارجة عن القانون والمألوف.
تحقيقنا يكشف الستار عن الوجه الخفي لهذا المكان، ويعرض ما يدور خلف جدرانه من ممارسات تُهدد أمن الحي وقيمه، وسط صمت مريب من الجهات الرسمية.
الوضع الداخلي: حفلات مُنفلِتة وسلوكيات مشبوهة
من خلال شهادات شهود عيان وتحقيق ميداني أجريناه في محيط “فيوس”، تبيّن أن المكان لا يلتزم بأي شكل من أشكال القوانين المنظمة لأماكن السهر.
الحفلات لا تهدأ حتى الفجر
المكان يتحول ليلاً إلى ساحة مفتوحة لحفلات صاخبة تستمر حتى ساعات الفجر الأولى، تتخللها مشروبات كحولية تُقدم دون تراخيص، منها ما يُعرف بـ”عرق البلح”، إلى جانب تداول واضح لمواد مخدرة رخيصة، مثل مخدر “البلاط”، شديد الانتشار بين بعض الجاليات الإفريقية.
رواد المكان – بحسب روايات شهود – ينتمون لجنسيات مختلفة، أبرزها: سودانية ونيجيرية، وبعضهم – وفق روايات السكان – يُظهر سلوكًا عدوانيًا أو غير أخلاقي في الأماكن العامة المحيطة بالمبنى.
معاناة يومية للسكان: “كأننا نعيش في كابوس”
تحدثنا إلى عدد من سكان المنطقة، جميعهم أجمعوا على أن “فيوس” تحول إلى كابوس يومي.
يقول “م.س”، موظف وأب لطفلين:
“أطفالي بيصحوا من النوم على أصوات خناقات وشتايم. الضجيج لا بيتوقف، والشارع بقى مليان شباب مش من المنطقة، بيتصرفوا بطريقة غريبة وغير مألوفة.”
شجارات، تحرش، سلوكيات غير أخلاقية
سُجلت حالات متكررة من الشجارات بالأيدي، بل والتعدي على بعض المارة، في محيط المكان. كما تحدث بعض الأهالي عن سلوكيات جنسية علنية ومشاهد خادشة في سيارات تقف بجوار “فيوس” ليلاً.
في ظل هذا الواقع، يتساءل السكان عن السبب الحقيقي وراء غياب أي تدخل أمني فعّال.
هل تمت مخاطبة الجهات المعنية؟ نعم. بل ورفعت أكثر من شكوى جماعية إلى قسم الشرطة التابع للمنطقة، كما تم إرسال شكاوى إلى محافظة القاهرة ووزارة الداخلية. لكن حتى لحظة إعداد التحقيق، لم تُتخذ إجراءات ملموسة.
يقول أحد كبار السن:
“ما بنطلبش غير حقنا في النوم والأمان. مش معقول نربي عيالنا وسط دا كله.”
التهديد المجتمعي: من بار إلى “نقطة سوداء” في قلب الحي
“فيوس” أصبح أكثر من مجرد بار مخالف؛ لقد تحول إلى رمز لفشل الرقابة، وتهديد مباشر للنسيج الأخلاقي في منطقة يغلب عليها الطابع المحافظ.
في الوقت الذي يجهد فيه الأهالي في تربية أبنائهم وتعليمهم، يصطدم الأطفال والمراهقون بمشاهد لا تمت بصلة لقيم الأسرة المصرية.
المكان أصبح أيضًا وجهة لمجموعات تنظم حفلات تُوصف بـ”الشاذة” أو “الطابع الغريب”، مما زاد من غضب واستياء السكان، ودفع بعضهم للتفكير في ترك المنطقة.
مطالب عاجلة من الأهالي: التدخل قبل الانفجار
يطالب سكان دار السلام بما يلي:
1. إغلاق نهائي لمكان “فيوس” بعد التحقيق في طبيعة أنشطته.
2. حملات تفتيش مفاجئة على المكان ومحيطه.
3. مراقبة أمنية دائمة على كورنيش النيل بدار السلام.
4. تطبيق قوانين التراخيص والعقوبات الصارمة على كل من يتجاوز حدود القانون والأخلاق.
رد الجهات المعنية: صمت مقلق
حتى لحظة النشر، لم تصدر أي تصريحات رسمية من وزارة الداخلية أو محافظة القاهرة بشأن “فيوس”.
ورغم محاولاتنا للتواصل مع مسؤولي الحي، لم نحصل على إجابة واضحة. هذا الصمت لا يطمئن، بل يزيد الشكوك حول وجود تواطؤ أو تقاعس في التعامل مع المكان.
الخاتمة: ليس مجرد بار… بل أزمة قيم وأمن واستقرار
“فيوس” يُمثل أكثر من مخالفة قانونية؛ هو اختبار حقيقي لقدرة الدولة على فرض هيبتها وسط الأحياء الشعبية، وحماية المواطن من التجاوزات الصارخة.
إما أن تتحرك الجهات المختصة وتضع حدًا لهذه الفوضى، أو نكون أمام نموذج قابل للتكرار في مناطق أخرى، ما سيقود لانهيار تدريجي في منظومة القيم والأمن داخل المجتمع.