عاجلمقالات

إنجي إمام تكتب: الذكاء الاصطناعى الفريضة الغائبة فى التعليم

 

 

دخل الذكاء الاصطناعى فى جميع مجالات الحياة بشكل سريع، لذلك كانت هناك ضرورة ملحة لتطوير التعليم ليصبح متماشيا مع احتياجات  ومتطلبات العمل المستقبلية، لذلك أصبح تدريسه وإدراجه فى المناهج التعليمية ضرورة، خاصة بعد ما يشهده العالم من تحول جذرى فى مجال الذكاء الاصطناعي، وأصبح جزءا لا يتجزأ من الحياة اليومية.

 

وإدراج الذكاء الاصطناعى فى المناهج التعليمية يمثل استثمارا استراتيجيا فى مستقبل الأجيال القادمة، من خلال تزويد الطلاب بالمعرفة والمهارات اللازمة لفهم والتعامل مع هذه التقنية الثورية، وإدخاله فى المناهج خاصة مرحلة التعليم الأساسى التى تعتبر من أهم المراحل التعليمية فى النظام التعليمى لما تتميز به من أنها حلقة تهتم ببناء التلميذ بناء معرفيا وأخلاقيا سليما، وتعمل على تنمية مهارات الفرد وتمده بالمعلومات اللازمة لبناء طالب متميز وتساعده على التكيف فى مجتمعه ليكون عضوا مفيدا للمجتمع الذى يعيش فيه.

 

بدأت العديد من الدول فى تدريس الذكاء الاصطناعى بمناهجها التعليمية وإدراجه بشكل رسمى بالمراحل التعليمية المختلفة وذلك لمواكبة متطلبات العصر، فهل يمكن أن تكون مصر على أعتاب تدريسه وما هى أبرز التحديات التى تحول دون توظيف الذكاء الاصطناعى فى التعليم الأساسى فى مصر وهو ما ناقشناه مع عدد من الخبراء.

 

يقول الدكتور تامر شوقي، الخبير التربوي، أن الذكاء الاصطناعى أصبح سمة العصر ويطلق على العصر الحالى عصر الذكاء الاصطناعى الذى أصبح يتخلل كل مناحى النشاط البشرى فى كافة القطاعات الأمر الذى يقتضى إعداد الطلاب لهم من خلال سنوات الدراسة والتعليم، الأمر الذى دفع بعض الدول إلى تدريسه للطلاب فى مرحلة التعليم الأساسى غير أن ذلك يواجه تحديات وصعوبات فى تطبيقه فى التعليم الأساسى فى مصر ومنها أن الذكاء الاصطناعى يتطلب توافر أجهزة رقمية ذكية باهظة التكاليف فى جميع أنحاء الجمهورية الأمر الذى يعتبر صعبا بالنسبة لغالبية الأسر المصرية، كما أنه لا يوجد عدد كاف من المعلمين لتدريسه للتلاميذ فى كافة أنحاء الجمهورية.

 

وأشار إلى أن تدريسه فى مصر يتطلب توافر شبكات إنترنت سواء داخل المدارس أو فى بيوت التلاميذ والذى  يتكلف الاشتراك فيه تكاليف كبيرة لا تقدر عليه كثير من الأسر فضلا عن المشكلات الأخرى التى تتعلق بجودة وسرعة الإنترنت فى مصر.

 

وأكد أنه يمكن الاستعانة بالذكاء الاصطناعى فى وضع امتحانات الثانوية العامة والشهادات وصفوف النقل والقضاء على أخطاء واضعى الامتحانات بشكل كبير، والاعتماد على  الذكاء الاصطناعى فى وضع امتحانات الثانوية العامة بل وفى تصحيح الأسئلة المقالية، مشيرا إلى أن هناك دولا استخدمت الذكاء الاصطناعى فى ذلك واستغنت عن العنصر البشرى وما يرتبط به من أخطاء، غير أن دور الذكاء الاصطناعى فى ذلك يجب ألا يكون هو الأساس والوحيد بل يجب أن تنحصر أدواره فى مساعدة واضع الامتحان على الصياغة اللغوية والفنية الصحيحة للأسئلة وتجنب أى صياغات خاطئة، وفتح الآفاق أمام واضع الامتحان على أنماط جديدة من الأسئلة وأفكار جديدة.

 

من جانبه قال الدكتور عاصم حجازي، الخبير التربوي، إن تدريس الذكاء الاصطناعى أصبح من أهم الأساسيات التى يجب أن يتضمنها أى نظام تعليمي؛ وذلك لأن الذكاء الاصطناعى استطاع أن يفرض نفسه كواقع على كافة نواحى الحياة وبالتالى يجب أن تستجيب الأنظمة التعليمية لهذه التطورات وتواكبها، موضحا فى تصريحات لـ”فيتو” أن استخدام الذكاء الاصطناعى فى إعداد الأسئلة وتصحيحها فيجب أن نفرق بين إعداد الأسئلة وبين تصحيحها، ففى عملية إعداد الأسئلة يمكن الاستعانة بالذكاء الاصطناعى فى الصياغة المبدئية للأسئلة ولكن يجب الانتباه إلى أنه أولا ينبغى مراجعة الأسئلة من قبل العنصر البشرى للتأكد من ارتباط السؤال بما تم شرحه والأهداف التى يسعى النظام التعليمى لتحقيقها وهذه الخطوة روتينية ويمكن تجاوزها لكن الخطوات الأخرى التى لا يمكن تجاهلها لإعداد أسئلة بمواصفات علمية تتضمن تطبيق الأسئلة تجريبيا على عينات من الطلاب لحساب الخصائص السيكومترية للأسئلة تمهيدا لوضعها داخل بنوك الأسئلة وبالطبع يمكن الاستعانة بالذكاء الاصطناعى فى تحليل النتائج ولكن تطبيق الأسئلة على عينات من الطلاب أمر مهم وضروري.

 

وأشار أنه بالنسبة لاستخدام الذكاء الاصطناعى فى التصحيح فيمكن فعلا أن يؤدى الذكاء الاصطناعى هذه المهمة بفعالية كبيرة خاصة الأسئلة المقالية والتى يمكن للذكاء الاصطناعى تصحيحها والتخلص من عيوب التصحيح البشرى والمتمثلة فى الذاتية ويمكن بالطبع من خلال الذكاء الاصطناعى تحقيق قدر أكبر من الثبات فى تقدير الدرجات والسرعة فى التصحيح والدقة والموضوعية، لذلك فإن الاستعانة بالذكاء الاصطناعى فى إعداد الأسئلة وتصحيحها، وهو سيكون مرحبا به بشكل كبير نظرا للمميزات الكثيرة التى يوفرها، كاشفًا عن أهم التحديات التى يمكن أن تواجه مصر فى حال الرغبة فى تدريس الذكاء الاصطناعي، هى التحديات المرتبطة بالإتاحة وذلك منعا لحدوث فجوة رقمية بين الطلاب تبعا للتفاوت فى المستوى الاقتصادى مما ينتج عنه توافر الأجهزة المتصلة بالإنترنت مع بعض الطلاب وعدم قدرة البعض الآخر على امتلاك الأجهزة الإلكترونية التى يمكن من خلالها استخدام تطبيقات الذكاء الاصطناعى وسوف يتعين حينئذ على وزارة التربية والتعليم توفيرها للجميع، والتحديات المرتبطة بإعداد مناهج مناسبة ومتطورة وتعيين معلمين وتدريب معلمى الحاسب الآلى الحاليين، والتحديات الخاصة بتوافر البنية التحتية التكنولوجية اللازمة فى المدارس من أجل إتمام عمليات التدريب والتدريس، وكذلك التحديات الأخلاقية والمتعلقة بالاستخدام الإيجابى للذكاء الاصطناعى ومكافحة الاستخدام غير المشروع سواء فى النواحى الأكاديمية أو الشخصية.

 

وقال المهندس أحمد الليثى خبير تكنولوجيا المعلومات، إنه بدأت بالفعل دول كثيرة فى إدخال مفاهيم الذكاء الاصطناعى فى المراحل الدراسية المبكرة مثل الصين، الإمارات، وبعض الولايات فى أمريكا، وهدف تلك الدول ليس فقط تعليم البرمجة، ولكن تنمية مهارات التفكير النقدى وحل المشكلات باستخدام أدوات الذكاء الاصطناعي، مشيرا إلى أننا فى مصر لدينا فرصة كبيرة فى البدء للتخطيط لذلك بشكل علمي، خصوصًا مع وجود بنية تحتية رقمية تتحسن، وتجارب سابقة مثل بنك المعرفة ومنصات التعليم الإلكتروني، منوها إلى أن إدخال الذكاء الاصطناعى كمادة أو حتى كمجموعة مهارات ضمن المناهج الأساسية يمكن أن يخلق جيلا جاهزا للمستقبل، موضحا أنه يمكن استخدام الذكاء الاصطناعى فى وضع الامتحانات من خلال توفير تقنيات تستطيع أن تحلل الأهداف التعليمية وتولّد أسئلة مناسبة بمستويات صعوبة مختلفة، كما يمكن أن تراجع الأسئلة وتحللها لضمان العدالة والوضوح، وذلك يقلل من الأخطاء البشرية ويوفر وقتا وجهدا كبيرا.

 

وشدد على عدم الاعتماد على الذكاء الاصطناعى بشكل كامل، وأنه لابد أن تكون هناك رقابة بشرية وتوجيه تربوى لضمان جودة العملية التعليمية وعدالتها، كاشفا عن التحديات التى يمكن أن تواجه تطبيق الذكاء الاصطناعى فى التعليم الأساسى ليست بتحديات قليلة، لكن جميعها قابلة للحل لو هناك إرادة حقيقية وتخطيط منظم، ويعتبر أول تحد هو ضعف الوعى سواء عند المعلمين أو أولياء الأمور، وذلك يتطلب تدريبا وتأهيلا مستمرا حتى يستطيع أن يفهم الجميع أهمية وأمان تلك التكنولوجيا، وأيضا مشكلة البنية التحتية فى بعض المناطق، سواء من ناحية الإنترنت أو الأجهزة، وتلك المشكلة تحتاج إلى استثمار من الدولة ودور أكبر من القطاع الخاص.

 

وأضاف أن هناك أيضا نقطة مهمة جدًا وهى أن المحتوى العربى المعتمد على الذكاء الاصطناعى مازال محدودا، وتلك فرصة كبيرة إننا نبدأ فى تطويره سواء من خلال الجامعات أو بالشراكة مع شركات تكنولوجيا التعليم، أما بالنسبة للسياسات التعليمية، فنحن نحتاج إلى تحديثها لكى تواكب التطور.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى