
بعد سنوات من الجدل والتأجيل، دخل ملف الإيجار القديم مرحلة الحسم. البرلمان المصري قال كلمته أخيرًا، وصدر القانون المعدل الذي طال انتظاره، لتنطلق معه مرحلة جديدة عنوانها: “استعادة الحقوق.. وانتهاء العشوائية القانونية”.
متى يتم الإخلاء؟
القانون الجديد، الذي نُشر في الجريدة الرسمية، حدد موعدًا واضحًا لإنهاء العلاقة الإيجارية بين المالك والمستأجر في العقارات المؤجرة للأغراض غير السكنية، سواء كانت تجارية أو إدارية، وهي 5 سنوات فقط من تاريخ سريان القانون.
أي أن الإخلاء الكامل سيبدأ رسميًا في منتصف عام 2030.
لكن ما بين لحظة النشر ولحظة الإخلاء، هناك سلسلة من الخطوات الحاسمة التي ستعيد ضبط المشهد العقاري في مصر:
زيادة تدريجية في القيمة الإيجارية بنسبة 15% سنويًا، لتقليل الفجوة بين الإيجار القديم وسعر السوق.
تمكين المالك من استعادة حقه في الانتفاع بممتلكاته بعد عقود من التجميد.
تقنين أوضاع المستأجرين وفقًا لمعايير واقعية، تضمن العدل دون تجاوزات.
الوحدات السكنية.. معركة أكثر تعقيدًا
القانون لم يتوقف عند حدود الوحدات غير السكنية، بل اقتحم عش الدبابير نفسه: الوحدات السكنية القديمة.
ولأول مرة منذ عقود، أصبح من الممكن إنهاء العلاقة الإيجارية السكنية في الحالات التالية:
وفاة المستأجر الأصلي دون وجود أحد أقاربه من الدرجة الأولى مقيمًا معه بصفة دائمة.
ترك المستأجر للوحدة دون إشغال فعلي لمدة تتجاوز ثلاث سنوات متتالية.
امتلاك المستأجر أو أحد أفراد أسرته لوحدة سكنية أخرى داخل أو خارج المدينة التي تقع بها العين المؤجرة.
استغلال الوحدة في نشاط مخالف لطبيعتها أو دون تصريح، مثل تحويل الشقة السكنية إلى عيادة أو محل تجاري.
رد اعتبار للمالك المصري
القانون جاء ليُعيد التوازن المختل بين المالك والمستأجر. فقد ظل المالك محرومًا من حقه الدستوري في الانتفاع بملكيته، تُفرض عليه إيجارات هزلية لا تواكب حتى سعر رغيف الخبز، في وقت تُؤجَّر فيه الوحدة نفسها من الباطن بأضعاف الأضعاف.
أكثر من مليون وحدة مؤجرة بنظام الإيجار القديم كانت بمثابة “رهينة قانونية”، لا المالك قادر على استعادتها، ولا الدولة استطاعت تقنين وضعها.
اليوم، مع القانون الجديد، بدأت الدولة تصحح أكبر مظلمة اجتماعية واقتصادية مرّ بها سوق العقارات المصري.
ماذا عن الحماية الاجتماعية؟
في المقابل، لم يكن القانون أعمى عن الجانب الإنساني. فالدولة وضعت نصب أعينها:
ألا يُترك أحد في الشارع، خاصة من كبار السن والنساء المعيلات.
توفير بدائل عبر برامج الإسكان الاجتماعي للفئات غير القادرة.
تفعيل دور لجان الحصر والتظلمات لضمان عدم طرد أي مستأجر مستحق للحماية.
الرسالة واضحة: لا قدسية لعقد أبدي
أكبر مكاسب هذا القانون أنه وضع حدًا نهائيًا لفكرة “الحق المؤبد” في شقة ليست ملكًا لك، ووجّه رسالة صريحة لكل من يعيش في وحدة إيجار قديم:
الملكية تُحترم، والعدل للجميع، لكن عهد العبث قد انتهى.
العد التنازلي بدأ بالفعل.. والقرار حُسم.. والدولة لن تتراجع.