حوادث وقضاياعاجل

“أم عدي”.. أرباح تيك توك أم واجهة لغسيل الأموال؟

تحقيق : حسين محمود

في زمن أصبح فيه “الترند” أقوى من القانون، تطل علينا كل يوم شخصية جديدة تشق طريقها إلى الشهرة والثراء السريع، لا بالإبداع ولا بالمجهود، بل بالاستعراض والابتذال. “أم عدي”، واحدة من تلك النماذج التي فجّرت الجدل، وأثارت الشكوك: سيدة مجهولة المصدر، تقف أمام الكاميرا بسلاطة لسان، وتغرق متابعيها في بحور من الهدايا الافتراضية التي تحوّلت إلى أموال حقيقية، دون أن تملك أي سجل ضريبي أو عمل معلوم.

مظاهر ثراء فاحش.. من أين لكِ هذا؟
كيف تحولت “أم عدي” من ربة منزل بسيطة – كما تزعم – إلى مالكة للذهب، والهدايا، والهاتف المحمول الأعلى سعرًا، والملابس الفاخرة؟ كيف تظهر يوميًا من موقع مختلف، بسيارات فارهة وشقق لا يملكها إلا أصحاب الملايين؟
والأخطر من ذلك: كيف تتلقى تحويلات مالية ضخمة، من أرقام وحسابات مجهولة داخل وخارج البلاد، دون أن يتم فتح ملف ضريبي أو رقابي واحد؟
هل يعقل أن تصل الأرباح من “لايف تيك توك” وحده إلى هذا الحد؟! وأين أجهزة الرقابة من كل هذا العبث المالي؟
التحريات ترصد.. والضبط يتأخر
مصدر أمني مطّلع أكد للحقيقه نيوز أن الأجهزة المعنية رصدت بالفعل تدفقات مالية غريبة مرتبطة بحسابات “أم عدي”، وبعض التحويلات وردت من حسابات دولية لا تتناسب مع ما يُعلن من دخلها. كما تم رصد تعاملات بنكية متكررة وحركات شراء بأرقام لا تتسق مع المعلن.
لكن المفاجأة أن الإجراءات القانونية لم تُتخذ بعد، رغم هذا الكم من الأدلة الأولية. والسبب؟ ثغرات قانونية وتأخير في استكمال أدلة الإثبات، إلى جانب استعانتها بمحامين يتفننون في استغلال الثغرات واللعب على أوتار “حرية التعبير” و”البث الشخصي”.
هل تحتمي أم عدي خلف تريند أم خلف جهات أقوى؟
هناك تساؤلات حقيقية تُطرح اليوم في أوساط الرأي العام: هل “أم عدي” مجرد صانعة محتوى جريئة؟ أم أنها واجهة لشبكة أكبر؟ هل هناك من يديرها من وراء الستار؟ وهل تأخُّر القبض عليها يعود لغطاء حماية أو نفوذ يصدّ عنها يد القانون؟
كل هذه الأسئلة مشروعة، في ظل صمت الجهات الرسمية، وغياب أي بيان يوضح للرأي العام: من أين لها كل هذا؟ وما موقف الضرائب؟ وما موقف مباحث الأموال العامة؟
القانون لا يعرف المزاح.. ولكن أين التنفيذ؟
القانون المصري واضح في تجريم الكسب غير المشروع، وتضخيم الثروات بغير سند، وتلقي الأموال دون مسوغ رسمي. كما أن قانون مكافحة الجرائم الإلكترونية ينص صراحة على محاسبة كل من يستخدم المنصات الرقمية في التحريض، أو التربح المشبوه، أو الاستعراض المالي غير المبرر.
هل ننتظر حتى تقع جريمة، أو تُكشف شبكة دعارة أو غسيل أموال – كما حدث مع تيك توكرز آخرين – حتى نتحرك؟
رسالة إلى الجهات الرقابية: أين أنتم؟
هذا التحقيق ليس حملة شخصية، بل صيحة تحذير. فالسماح لأمثال “أم عدي” بالتوسع على المنصات يفتح الباب لمزيد من الانحدار الأخلاقي، والتلاعب بالعقول، وتطبيع الابتذال، وتحويل المجتمع إلى سوق للابتزاز الإلكتروني والتربح الفارغ.
كل يوم تأخير هو خسارة لقيم المجتمع، وتآكل لهيبة القانون.
وأخيرًا..
لن نصمت.. ولن نسمح أن يتحول “الترند” إلى حصانة. نطالب بفتح تحقيق عاجل وشامل في مصادر تمويل “أم عدي”، وتطبيق القانون على الجميع، بلا استثناء، وبلا تمييز.
فالوطن لا يُبنى بالسوشيال ميديا.. بل يُحمى بالعدالة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى