
بينما يعلم الكثيرون أن التوتر، وتغيرات الطقس، وبعض الروائح والأطعمة قد تكون محفزات لنوبات الصداع النصفي، إلا أن قلة قليلة تدرك أن الجفاف قد يلعب دورًا محوريًا في إثارة هذه النوبات المؤلمة، فوفقًا للمؤسسة الأمريكية للصداع النصفي، يُقر حوالي ثلث المصابين بالصداع النصفي بأن نقص السوائل أو الجفاف قد يؤدي إلى تفاقم حالتهم أو بدء نوبة جديدة.
لا يقتصر صداع الجفاف على مرضى الصداع النصفي المزمن؛ بل يمكن لأي شخص أن يعاني منه عند عدم حصوله على كمية كافية من السوائل، ورغم أن هذا النوع من الصداع قد لا يكون بذات شدة نوبة الصداع النصفي، وفقًا لموقع “WebMD” الطبي.
في الحقيقة، يمكن أن تتشابك العلاقة بين الجفاف والصداع النصفي بشكل معقد، فالبعض يصاب بصداع نصفي ناتج عن الجفاف، حيث تحفز الأعراض بسبب نقص السوائل. في المقابل، قد يصاب البعض الآخر بالجفاف نتيجة لنوبات الصداع النصفي الشديدة، خاصةً مع الغثيان والقيء المصاحبين لها.
لماذا يتسبب الجفاف في الصداع النصفي؟
يحتاج الجسم إلى توازن دقيق من السوائل والأملاح المعدنية (الإلكتروليتات) ليعمل بكفاءة، فالبوتاسيوم والصوديوم، على سبيل المثال، ضروريان لتنظيم وظائف الجسم المختلفة، ويفقد الجسم هذه المعادن باستمرار عن طريق التعرق والتبول. في الظروف الطبيعية، يحصل الجسم على حاجته من السوائل والمعادن من خلال الأطعمة والمشروبات.
عندما لا يتم تعويض هذه السوائل والمعادن بشكل كافٍ، تبدأ عملية الجفاف التي قد تؤدي إلى الصداع النصفي، وأحد التفسيرات المحتملة هو أن نقص السوائل قد يتسبب في انكماش أنسجة الدماغ وابتعادها عن الجمجمة، مما يضغط على الأعصاب ويسبب الألم. تفسير آخر يشير إلى أن الجفاف يزيد من حدة الشعور بأنواع مختلفة من الألم. ومع ذلك، لا يزال السبب الدقيق لهذه العلاقة غير مفهوم تمامًا.
إضافة إلى ذلك، يمكن أن يؤدي الجفاف إلى تقلبات مزاجية وصعوبة في التركيز، مما قد يجعل الصداع يبدو أكثر سوءًا وإزعاجًا.
عوامل تزيد من خطر الجفاف
حتى الجفاف الخفيف يمكن أن يكون محفزًا للصداع النصفي، وبصرف النظر عن عدم شرب كمية كافية من السوائل، هناك عدة عوامل أخرى قد تؤدي إلى الجفاف، منها:
القيء
الإسهال
التعرق المفرط نتيجة لممارسة الرياضة أو التعرض للحرارة الشديدة
الحمى
التبول المفرط
كما أن بعض الأشخاص يكونون أكثر عرضة للإصابة بالجفاف، ومنهم:
كبار السن والأطفال الصغار.
المصابون بأمراض مزمنة مثل السكري.
الذين يتناولون أدوية تزيد من إدرار البول.
من يمارسون الرياضة بجهد عالٍ، خاصة في الأجواء الحارة.
أعراض الجفاف والصداع النصفي
غالبًا ما تتزامن أعراض الجفاف مع بداية الصداع أو تظهر قبله مباشرة، وفي حالات الجفاف الخفيف، قد لا تلاحظ سوى بعض الأعراض، مثل:
العطش
التعب
الخمول
تجدر الإشارة إلى أن الشعور بالعطش قد يكون علامة على أن الشخص يعاني بالفعل من جفاف خفيف، وإذا استمر الجفاف لفترة أطول أو ازداد سوءًا، فقد تظهر أعراض أكثر خطورة، منها:
عطش شديد
الارتباك والتوهان
الدوخة والإرهاق الشديد
قلة التبول
بول داكن اللون
زيادة معدل ضربات القلب
انخفاض ضغط الدم
يُعد الجفاف المتوسط إلى الشديد حالة طبية طارئة تتطلب عناية طبية فورية عند ظهور أي من هذه الأعراض.
كيف يبدو الصداع النصفي الناتج عن الجفاف؟
الصداع النصفي الناجم عن نقص السوائل قد يتسم بأعراض محددة لدى بعض الأشخاص، حيث يصفه الكثيرون بأنه يشبه “صداع الكحول”، وغالبًا ما يكون الألم نابضًا ويزداد حدة مع التعرض للأضواء الساطعة أو الانحناء أو تحريك الرأس، ويمكن أن يتركز الألم في جانب واحد من الرأس، أو في الجزء الخلفي، أو الأمامي، أو ينتشر في جميع أنحاء الرأس. وقد يشعر بعض الأشخاص بألم حول الوجه، أو الجيوب الأنفية، أو الرقبة، أو الفك.
يمكن أن تستمر مرحلة الصداع في نوبة الصداع النصفي من 4 إلى 72 ساعة، وتترافق مع أعراض أخرى تشمل:
تقلبات المزاج، وصعوبة النوم، وصعوبة التركيز، ومشاكل أخرى قد تبدأ قبل 24 ساعة من الصداع.
الهالات، وهي أعراض بصرية أو سمعية مثل اضطرابات الرؤية أو طنين الأذن، وقد تبدأ قبل أو أثناء الصداع.
الغثيان والقيء.
التعب، والدوخة، وتيبس الرقبة، وأعراض أخرى تستمر لمدة تصل إلى 48 ساعة بعد انتهاء الصداع.
علاج الصداع النصفي الناتج عن الجفاف والوقاية منه
في بعض الحالات، يمكن تخفيف الصداع النصفي الناتج عن الجفاف بمجرد شرب كوب من الماء. فقد أظهرت إحدى الدراسات أن الأشخاص الذين أصيبوا بنوبة صداع نصفي ناجمة عن الجفاف شعروا بالراحة في غضون 30 دقيقة بعد شرب السوائل.
ومع ذلك، فإن الصداع النصفي هو حالة عصبية مزمنة ذات محفزات متعددة، ولذلك من الضروري استشارة الطبيب لتحديد أفضل العلاجات لتخفيف الصداع وأعراضه الأخرى، بغض النظر عما إذا كان الجفاف هو السبب الرئيسي أم لا. تشمل أساسيات علاج الصداع النصفي:
الأدوية الحادة: التي تؤخذ عند ظهور أولى علامات النوبة.
الأدوية الوقائية: التي تُستخدم لمنع تكرار النوبات.
تغيير نمط الحياة: لتجنب المحفزات المعروفة، والتي قد تشمل، بالإضافة إلى الجفاف، التوتر، والتغيرات الهرمونية، وتقلبات الطقس، واضطرابات النوم، وتفويت الوجبات، والتعرض للضوء الساطع، والضوضاء، أو الروائح النفاذة.
للمساعدة في تحديد المحفزات الشخصية، يُنصح بتسجيل أعراض الصداع النصفي في دفتر يوميات، مع تدوين تفاصيل مثل نوع الطعام والشراب، والأنشطة اليومية، لملاحظة الأنماط المحيطة بالنوبات.
كما يجد بعض الأشخاص راحة من خلال ممارسة اليوجا، والارتجاع البيولوجي، وتقنيات الاسترخاء الأخرى.
تتوفر بعض الخيارات العلاجية للصداع النصفي الخفيف إلى المتوسط بدون وصفة طبية، أما في حالات الصداع النصفي الشديدة أو المتكررة، فقد تكون الأدوية الموصوفة طبيًا أكثر فعالية.
نصائح للوقاية من الصداع النصفي الناتج عن الجفاف
إذا كان الشخص يعاني من الصداع النصفي الناتج عن الجفاف، فإن الانتباه إلى كمية السوائل التي يتناولها أمر بالغ الأهمية، ويجب أن يكون الماء هو خيارك الأول. ولكن عند ممارسة التمارين الرياضية الشديدة أو في الأجواء الحارة، قد تكون المشروبات الرياضية الغنية بالإلكتروليتات والجلوكوز مفيدة لإعادة الترطيب السريع.
نصائح الإضافية للوقاية من الجفاف:
تجنب المشروبات التي تحتوي على الكافيين والكحول: حيث تزيد هذه المشروبات من إدرار البول وقد تسبب الجفاف.
زيادة من تناول السوائل بعد التمرين أو في الطقس الحار.
تناول الأطعمة الغنية بالسوائل: مثل الفواكه والخضراوات.
امتص مكعبات الثلج.
قلل من النشاط البدني في الطقس الحار أو أثناء نوبة الصداع النصفي.
احصل على قسط كافٍ من الراحة.
كمية الماء المثالية للحفاظ على رطوبة الجسم
الهدف المعقول لمعظم الناس هو شرب حوالي ثمانية أكواب من الماء أو السوائل الأخرى يوميًا، ومع ذلك يجب الانتباه إلى علامات العطش، فاحتياجات الجسم تختلف بناءً على مستوى النشاط البدني، ودرجة حرارة الجو ورطوبته، والحالة الصحية العامة.
إلى جانب شرب الماء والمشروبات الأخرى، يُنصح بتناول الأطعمة الغنية بالماء، مثل:
الفواكه والخضراوات: مثل البطيخ، الخوخ، الفراولة، القرنبيط، الخيار، البرتقال، الكوسا، والخس.
المرق والشوربات.
الزبادي (حوالي 70% ماء).
الجبن القريش (حوالي 80% ماء).